هل سمعت بقانون الهجرة الجديد إلى ألمانيا وتريد أن تعرف معلومات أكثر عنه؟ تم التصويت على هذا القانون في الشهر السادس من عام 2023 ومن المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في عام 2024.
في هذه المقالة أتحدث عن رؤيتي الخاصة لبعض المعوقات التي قد تؤثر على تطبيق قانون الهجرة الجديد إلى ألمانيا بالنسبة للأطباء والصيادلة على وجه الخصوص.
أشير إلى أن المعلومات المذكورة في هذه المقالة مبنية على تحليلي لقانون الهجرة والإقامة الجديد، وهي قد لا تكون بالضرورة صحيحة أو دقيقة وربما تختلف بعض الشيء عما سيطبق على أرض الواقع. لن نتمكن من الحصول على معلومات أكيدة إلا بعد البدء بتطبيق القانون في عام 2024.
يمكنك أيضاً مشاهدة الحلقة في قناتنا على اليوتيوب
في المقالة التاسعة من هذه السلسلة، وبعد أن استعرضنا المعلومات المتوفرة حول التسهيلات التي سوف يتيحها القانون الجديد لهجرة الكفاءات إلى ألمانيا، سوف أذكر لكم بعض الخواطر الشخصية التي أفكر بها حول تطبيق القوانين الجديدة.
حتى أكون صادقاً معكم فأنا لست متفائلاً جداً بالنسبة لتبعات هذا القانون على المهن الطبية ولدي بعض التحفظات والمخاوف، أتمنى ألا تكون صحيحة ولكنني سأشارككم في هذه المقالة ببعض الأفكار.
من المتوقع جداً أن إقرار القانون وبدء العمل به سوف يدفع آلاف الأشخاص من تخصصات مختلفة للتقدم بطلبات السفر إلى ألمانيا. مثلاً مهندسو المعلوماتية أو الفنيون الذين لديهم خبرات مهنية متنوعة، مثلاً في مجال ميكانيك السيارات أو الكهرباء أو تكنولوجيا المعلومات أو التمريض أو غير ذلك من الأمور المطلوبة في ألمانيا.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل سيتمكن موظفو السفارات من التعامل مع أعداد كبيرة من الطلبات في الوقت نفسه؟ هل ستكون هناك مواعيدُ كافية للمقابلات أم أن المواعيد سوف تصبح بعد سنة أو سنتين أو ربما أكثر، كما هو الحال في بعض السفارات الألمانية اليوم؟ هل ستكون هناك قدرة على استقبال المعاملات ومعالجتها؟
والسؤال الآخر هو: هل سيتم اتخاذ قرار التأشيرة في السفارة أم أن المعاملات سيتم إرسالها إلى مكاتب الأجانب في ألمانيا؟ وكم من الوقت ستحتاج معالجة كل طلب ودراسته والتحقق منه والموافقة عليه؟
أتوقع شخصياً أن كثرة الطلبات سوف تؤدي إلى إشباع العمل في السفارات الألمانية، وتطاول الفترة اللازمة لإنهاء المعاملات ومنح التأشيرات. وهذا ما تقوله صحيفة Zeit أيضاً، حيث لا تتوقع أن يتغير الكثير بالنسبة لفترة معالجة الطلبات:
وهذا هو النص بالعربية:
لا تنس أن برنامج الهجرة إلى كندا أو أستراليا يتطلب أيضاً الانتظار لفترة طويلة تصل إلى عدة سنوات، فهل سيكون الوضع كذلك هنا؟
في الواقع، إذا لم يتخذ المكتب الاتحادي للهجرة إجراءات استباقية ومدروسة حول تأهيل أعداد كافية من الموظفين وتحديد آلية متقنة للتعامل مع طلبات السفر، فربما نشاهد نفس فترات الانتظار الطويلة في نظام الهجرة إلى ألمانيا.
وهذا الكلام ليس فقط من عندي، فقد قال هيرمان غروهي نائب كتلة الاتحاد المسيحي في البرلمان إنه من الأفضل للحكومة أن تركز على تعزيز عمل السفارات، لأن آلاف الكفاءات تنتظر دورها في الخارج للقدوم إلى ألمانيا حتى قبل صدور القانون الجديد.
ربما الكثيرون ممن يقرؤون هذه المقالة الآن إما ينتظرون موعدهم في السفارة بعد سنة أو أنهم قاموا بإجراء المقابلة منذ أشهر ولا يزالون بانتظار الرد. حتى ضمن القانون الجديد نفسه فقد لفتت نظري هذه العبارة:
Zur Steuerung der Erwerbsmigration wird die Bundesregierung ermächtigt, durch Rechtsverordnung, die nicht der Zustimmung des Bundesrates bedarf, die Zahl der Chancenkarten, die Ausländern erteilt werden, die sich noch nicht im Bundesgebiet aufhalten, jährlich oder für einen kürzeren Zeitraum zu begrenzen. Bei einer Begrenzung sollen arbeitsmarkt- und integrationspolitische Erwägungen und die Kapazitäten der beteiligten Behörden zugrunde gelegt werden.
بهدف تنظيم هجرة اليد العاملة، فإن الحكومة الفيدرالية مخولة للحد من عدد بطاقات الفرصة التي يمكن إصدارها للأجانب الموجودين خارج ألمانيا، سواءً خلال السنة الواحدة أو خلال فترات زمنية أقصر، وذلك عن طريق مرسوم قانوني لا يتطلب موافقة البرلمان. يجب أن تستند حدود الاستيعاب إلى الاعتبارات الخاصة بسوق العمل واعتبارات سياسة الاندماج وإمكانيات المؤسسات ذات العلاقة.
وهذا الكلام يستوجب الوقوف عنده بالفعل، فالنص القانوني يقول بشكل صريح بأن الحكومة يمكن في أي وقت أن تحد من عدد بطاقات الفرصة التي يمكن أن تقوم بإصدارها، وكأنها تتوقع إمكانية حدوث اختناق في محطات معينة على الطريق مما يستدعي إيقاف قبول الطلبات بشكل مؤقت.
لا أريد أن أكون متشائماً، ولكن يجب القول بأن الوضع حالياً بالنسبة للوافدين إلى ألمانيا من أصحاب المهن الطبية لا يخلو من الصعوبات على الرغم من نقص الأطباء في المرافق الصحية. على سبيل المثال، هيئات التعديل الطبي في بعض الولايات تعاني من فترات انتظار طويلة فيما يتعلق بطلبات التعديل وإجراء الامتحانات.
والسؤال الذي سيطرح نفسه هنا: ماذا سيحدث إذا وصلت أعداد كبيرة من الأطباء والصيادلة إلى ألمانيا خلال وقت قصير؟ ليس فقط من الدول العربية، وإنما مثل هذه التسهيلات قد تدفع بأعداد كبيرة للهجرة من دول أخرى، مثلاً نشاهد حالياً أعداداً متزايدة من الأطباء من الدول الآسيوية، ومن أمريكا الجنوبية، وكذلك من أوروبا الشرقية.
وهذا يعني أمرين من الناحية العملية: الأمر الأول هو حدوث تأخر أكبر في معالجة طلبات التعديل في هيئات التعديل الطبي، والأمر الثاني هو فترات انتظار أطول للامتحانات.
هيئات التعديل قد لا تكون قادرة على التعامل مع ضغط الطلبات بسبب عدم كفاية الموظفين لديها. وهذا الأمر عايشناه لعدة مرات خلال السنوات الخمس الماضية: حين يزداد الضغط على ولاية معينة بسبب تسهيلات معينة في هذه الولاية فإن الطلبات تتراكم ويصبح هناك تأخير كبير في المعاملات، مما يجعل الولاية التي كانت سهلة في السابق من أصعب الولايات بالنسبة للإجراءات.
وبذلك فإن التعديلات الجديدة على قوانين الهجرة قد تؤدي إلى تأخر كبير في إجراءات التعديل والامتحانات بالنسبة لأصحاب المهن الطبية، نظراً لأن هذه الإجراءات تعتبر معقدة وطويلة نسبة إلى التخصصات الأخرى وتحتاج إلى الكثير من العمل الإداري.
السؤال التالي الذي يطرح نفسه أمام هذا الوضع: ماذا يمكن أن يحدث في حال أصبحت هناك أعداد كبيرة من الأطباء والصيادلة في ألمانيا؟
في بعض الولايات، من الصعب جداً أو حتى من شبه المستحيل للطبيب أن يعثر على عمل بناءً على ترخيص العمل المؤقت أو البيروف. والقليلون يحالفهم الحظ في ذلك. أيضاً، الطلب على أطباء الأسنان يعتبر قليلاً نسبياً في العديد من المناطق.
طيب ماذا لو أصبحت أعداد الأطباء في ولاية معينة كبيرة جداً بفعل تسهيل السفر والهجرة إلى ألمانيا؟ سيصبح التنافس أكبر بطبيعة الحال. طبعاً هناك نقص في الأطباء والصيادلة والفرص لا تزال موجودة وستبقى موجودة، ولكن الحديث هنا هو عن التنافس.
وبعد ثلاث إلى خمس سنوات من البدء بتطبيق القانون، حين تصبح الأمور واضحة وربما يقبل الأطباء والصيادلة على السفر بنسبة أكبر، فإن عدد الأشخاص الذين يتنافسون على الوظائف شاغرة يمكن أن يزداد، مما يجعل إمكانية الحصول على فرص العمل أكثر صعوبة.
في النهاية يمكن لذلك أن يؤدي إلى صعوبة أكبر في الحصول على التخصصات التنافسية، وربما تصبح التخصصات المتاحة للقادمين الجدد محدودة بالمجالات التي فيها نقص كبير.
وفي هذه الحالة سيصبح البقاء للأقوى ولصاحب المؤهلات الأعلى، مثلاً وجود لغة عامة C1 أو وجود خبرة طبية سابقة أو أبحاث منشورة، وبالتأكيد لمن لديه معارف يساعدونه في تأمين فرصة عمل.
لمن يرغب بمعرفة التخصصات الأكثر طلباً في مجال الطب البشري في ألمانيا في الوقت الحالي، فهناك فيديو مفصل حول هذا الموضوع في قناتنا على اليوتيوب.
تخصصات الطب البشري المطلوبة في ألمانيا عام 2023
قد يتهمني البعض بالتشاؤم أو التنفير من طريق ألمانيا على الرغم من التسهيلات الجديدة. ولكن كما تحدثت عن المزايا والتسهيلات فيجب أيضاً أن أتحدث عن المصاعب التي قد ترافق تطبيق القوانين الجديدة.
طبعاً هذا الكلام ربما لا يعتمد على أي مرجعية وإنما فقط على قراءتي للوضع الحالي في ظل معرفتي بإجراءات التعديل ومشاكله وتقلبات سوق العمل الطبي في ألمانيا خلال السنوات العشر الماضية.
وبالمناسبة فإن المسؤولين الألمان الذين لديهم قراءة جيدة للوضع يدركون تماماً هذه المشاكل ويضعون إشارات استفهام كثيرة على آلية تنفيذ القرارات الجديدة. وكما ذكرت لعدة مرات في هذه السلسلة، فإن النتائج بعيدة الأمد غير واضحة وغير مؤكدة ويستحيل أن تحدد إلا بعد سنتين أو ثلاثة من تطبيق النظام الجديد.
وأقول لمن لم يتخذ بعد قراره بالسفر إلى ألمانيا أو غيرها: طريق ألمانيا لا يخلو من الصعوبات، وعليك أن تعرف كل الإيجابيات وكل السلبيات في كل بلد متاح أمامك، وأن تأخذ وقتك في المقارنة بينها حسب أولوياتك، ثم تقرر فيما إذا كانت ألمانيا مناسبة لك أم لا.
لمساعدتك على ذلك هناك 3 مقالات قيمة جداً على هذا الموقع فيها كمية هائلة من التفاصيل وعليك الاستفادة منها. عليك كذلك أن تفهم المعلومات المذكورة في هذه السلسلة، وأيضاً كل المعلومات على هذا الموقع الإلكتروني. كلما جمعت كمية أكبر من المعلومات كلما تمكنت من اتخاذ القرار بشكل أفضل.
أما لمن قطع مرحلة في طريق ألمانيا فأقول له: لا داعي للقلق. تابع العمل على هدفك، ادرس اللغة واحصل على B2، وحين تصبح جاهزاً قدم أوراقك. سواءً وفق بطاقة الفرص، أو بواسطة تأشيرة التعديل 16d، والتي ستبقى سارية وقيد العمل.
طريق ألمانيا لم يكن أبداً ممهداً وكل فترة تطرأ أمور جديدة وتظهر صعوبات أو تحديات لم تكن معروفة من قبل. أنا نفسي عايشت خلال رحلتي الكثير من الأمور التي تغيرت للأسوأ بشكل مفاجئ ولكنني تمكنت من التغلب عليها. دائماً ستعثر على طريقة لتجاوز العقبات.
أنا أحب أن أكون واقعياً وأفكر بالاحتمالات الإيجابية والسلبية حتى أستعد لها بشكل أفضل. ولذلك ما طرحته من أفكار في هذه المقالة يجب ألا يؤثر على معنوياتك وإنما يجب أن يعطيك صورة أوضح عن الوضع.
الهدف الذي سوف تعمل عليه بجد فلن يمنعك أحد من تحقيقه في النهاية. وحين يتم فتح باب الهجرة حسب القانون الجديد سنرى كيف سيصبح الوضع.
في هذه المقالة تحدثت عن بعض المصاعب التي يتوقع أن تؤثر على تطبيق قانون الهجرة الجديد، مثل تراكم طلبات التأشيرة في السفارات وطلبات التعديل في الهيئات المسؤولة عن التعديل في ألمانيا، مما قد يؤدي إلى تأخير أكبر في مواعيد الامتحانات.
في المقالة القادمة والأخيرة من هذه السلسلة سوف أحدثكم عن الخطوات القادمة التي يتوقع أن يتخذها المكتب الاتحادي للهجرة لتطبيق القانون الجديد وما الذي يتوقع أن يحدث خلال الأشهر القادمة.
إذا كانت لديكم المزيد من التساؤلات حول هذا الموضوع فيمكنكم طرحها على صفحات التواصل الاجتماعي. إذا كان لديكم أي تصحيح أو تحديث للمعلومات المذكورة في هذه المقالة فنرجو التواصل معنا مباشرة.