هل تفكر بالسفر إلى ألمانيا للتخصص والعمل ولكنك تريد أولاً أن تعرف ما هي السلبيات والمساوئ والصعوبات التي يمكن أن تصادفك أثناء هذه الرحلة وبعدها؟
حين ترغب بالانطلاق في أي مرحلة في الحياة يتوجب عليك أن تعرف تماماً ما الذي يمكن أن ينتظرك حتى تستطيع أن تخطط لرحلتك بشكل جيد وتكون مستعداً نفسياً لما يمكن أن يصادفك. مع العلم بأن رحلتك ربما تكون أفضل بكثير مما كان مخططاً له!
المقالة طويلة جداً وفيها كمية كبيرة من المعلومات والإحصائيات. سوف تحتاج إلى العودة هذا الموضوع لاحقاً وقراءته لأكثر من مرة حتى تحيط بجميع المعلومات المذكورة فيه.
صعوبة اللغة الألمانية
الاستثمار المادي الكبير
صعوبة الدخول في النظام الصحي
صعوبة الحصول على التخصص المطلوب
سلبيات نظام التخصص الطبي الألماني
ضغط العمل الشديد
الاختلافات الثقافية والدينية
الخلاصة في قائمة من 20 نقطة
تعمدنا في هذا المقالة تناول الموضوع من وجهة نظر سلبية وتشاؤمية مع المبالغة بعض الشيء في طريقة الطرح. والغاية من ذلك هي توصيل الصورة الأسوأ للكثير من المصاعب والسلبيات التي ربما تواجهك في وقت من الأوقات أثناء هذه الرحلة.
لا يمكن النظر إلى محتويات هذه المقالة بشكل منفصل أو اجتزاء معلومات صغيرة منها بدون معرفة المزايا أيضاً ورؤية الصورة بشكل كامل. ولذلك يجب حتماً الاطلاع على المقالة الأخرى حول إيجابيات العمل والتخصص في ألمانيا.
كذلك أتمنى من الزملاء الذين يقتبسون عبارات من المحتوى الذي نقدمه توخي الدقة والحذر عند نقل أي معلومة من هذه المقالة! فلا يمكن الاقتصار على ذكر السلبيات بدون التطرق للإيجابيات.
من المهم كذلك أن تعرف أن السلبيات ترافق السنوات الأولى بعد الانتقال إلى ألمانيا، حيث لا بد من الكثير من الصعوبات والحواجز في البداية. وحتى تحصد ثمار ما زرعته فأنت تحتاج إلى وقت يصل إلى عدة سنوات، حيث تسيطر الإيجابيات.
في نهاية المقالة ستجد قائمة شاملة ومختصرة بجميع السلبيات التي يمكن أن يصادفها الطبيب العربي في ألمانيا. تمثل هذه القائمة ملخصاً لجميع التفاصيل المذكورة في هذه المقالة. إذا أردت يمكنك الانتقال إليها مباشرة من هنا.
نبدأ باللغة الألمانية الجميلة. هل سمعت من الآخرين بأن اللغة الألمانية صعبة؟ بالتأكيد. هل تريد أن تسمع مني؟ على الرحب والسعة.
اللغة الألمانية صعبة!
أعمل في ألمانيا منذ بداية عام 2016، ولا زلت حتى الآن أعاني بسبب اللغة الألمانية.
أخوتي الكرام ربما معظمنا درس اللغة الإنجليزية في المدارس منذ نعومة أظفاره (أو ربما الفرنسية) واحتك بها بشكل جيد. الكثير من الأمور في الحياة اليومية –مثل الإنترنت والكتب والأفلام– جعلت اللغة الإنجليزية لغة مألوفة بالنسبة لنا.
الأمر ليس كذلك مع الألمانية. نادراً ما يتعلم العرب اللغة الألمانية في صغرهم. في معظم الأحيان لا يبدأ الطبيب بدراسة هذه اللغة إلا حين يفكر بالسفر إلى ألمانيا. متى؟ ربما خلال الدراسة في كلية الطب أو بعد التخرج، في مرحلة متأخرة نسبياً من العمر.
الصدمة الأولى ستكون في الدروس الأولى حين تسمع كيف تلفظ الكلمات والأحرف في هذه اللغة. والصدمة الثانية ستكون في المستويات المتوسطة حين تبدأ بالدخول بشكل حقيقي في قواعد اللغة وتتعمق في كوارثها!
أما الصدمة الثالثة فسوف تتعرض لها حين تصل إلى ألمانيا لأول مرة. سوف تشعر بأن كل ما تعلمته لمدة سنة كاملة أو أكثر ليس له الآن قيمة حين يتحدث معك أول شخص ألماني ولا تفهم شيئاً!
إن المستوى المطلوب من الأطباء حالياً بالنسبة للغة الألمانية العامة هو مستوى B2، والذي يعادل المستوى الرابع على المقياس الأوروبي لتعلم اللغات. أما امتحان اللغة الطبية (Fachsprachprüfung)فهو يكافئ المستوى C1.
من الناحية العملية يفضل رؤساء الأقسام الأطباء الذين لديهم مستوى C1 في اللغة العامة لأنهم يفهمون ويتحدثون بشكل أفضل، أي المستوى الخامس. يحتاج ذلك إلى ما لا يقل عن سنة كاملة من دراسة اللغة فقط، في حال التفرغ والاجتهاد!
فإذاً بالإضافة إلى صعوبة اللغة والحاجة لبذل مجهود كبير عليها، فإن إنهاء المستويات اللغوية المطلوبة يحتاج إلى فترة زمنية طويلة لا تقل عن سنة من الزمن. بعد إنهاء الدراسة النظرية لا يزال أمام الطبيب الكثير من العمل لتحسين لغته العملية على مدى سنوات.
لنقل إنك استطعت الوصول إلى مستوى C1 في اللغة العامة. هل ستكون لغتك بالفعل جيدة؟ ربما. لغتك ستكون جيدة جداً حين ترغب بالقراءة أو الكتابة، أو ربما حين تستمع إلى شيء ما. أما فيما يتعلق بالاستعمال اليومي فالأمر مختلف.
في الفترة الأولى من وجودك في ألمانيا وقبل أن تبدأ بالعمل سوف تتفاجأ كم أن لغتك العمليّة ضعيفة في الواقع. سوف تتعلم بعض التعابير التي تحتاج لاستخدامها بشكل متكرر: في السوبرماركت، عند الحلاق، في البريد، أو في المطعم. ستشعر أنك تعيش بأمان!
حين تبدأ بالعمل سيتخذ الأمر منحىً آخر. نظراً للحاجة إلى التواصل المكثف فستجد الناس يتحدثون معك ويفترضون بأنك تفهم، وأنت بالمقابل تهز برأسك ولا تعرف إن كان يجب أن تجيب بنعم أم لا! أو ربما أن تقول شيئاً آخر؟؟!
الأشهر الستة الأولى من العمل ستكون الأصعب، كارثية بكل معنى الكلمة. ستعاني من صعوبة في فهم ما سيقال في الجولات وفي الاجتماعات. قد يؤثر ذلك على أدائك حين لا تفهم تماماً ما يطلب منك أو ما يعطى من تعليمات في الاجتماعات.
المشكلة أن الكثير من الألمان لا يتفهمون بأن الشخص الذي يقف أمامهم لا يزال جديداً هنا. الكثير منهم يتحدث معك بنفس السرعة والإيقاع الذي يستخدمونه بينهم!
نعم، حين لا تفهم فيمكنك دائماً أن تطلب الإعادة. ولكن سوف تصل كثيراً إلى حالة من الملل والخجل: هل من المعقول أن أطلب في كل مرة إعادة الكلام؟ إن ذلك يُشعرني بالغباء!
سيستمر هذا الأمر لمدة سنة حتى سنتين على الأقل. كلما كان المستوى الذي وصلت إليه من قبل أفضل كلما كانت هذه الفترة أقصر. لا ريب أن وجود ذخيرة كبيرة من المفردات والتعابير لديك وإتقانك للقواعد بأفضل شكل ممكن سوف يساعدك بشكل كبير على تقليص هذه الفترة.
حين يتجاوز الطبيب امتحان B2 العام ويحصل على الشهادة فهنا يمكنه البدء بدراسة اللغة الطبية والتحضير لامتحان اللغة الطبية، والذي سيشكل الخطوة القادمة على طريق التعديل الطبي.
ولكن إذا كان لدى الطبيب وقت –مثلاً إذا كان الطبيب قد حصل على الشهادة في بلاده وقبل أن يصل إلى ألمانيا– فمن الأفضل حتماً التقدم أكثر في دراسة اللغة الألمانية العامة.
وإذا استطاع الطبيب تحقيق المستوى C1 أو حتى الوصول إلى المستوى الأعلى C2 في حال توفر الوقت والإمكانيات فإن ذلك سيعطيه أفضلية كبيرة: لغته ستكون أفضل بكثير، فترة المعاناة في ألمانيا ستكون أقل، وهناك أفضلية على الآخرين عند التقديم على الوظائف في ألمانيا.
عند تحقيق مستوى مرتفع في اللغة العامة فإن قراءة الكتب الطبية وتعلم اللغة الطبية ستكون أمراً بسيطاً ولن تستغرق الكثير من الوقت.
يحدث التحسن الأكبر في اللغة الألمانية العمليّة في الفترة الواقعة بين سنتين وخمس سنوات بعد بدء العمل في ألمانيا. في هذه الفترة سوف تدخل طاحونة العمل المكثف والمناوبات والمسؤوليات، وسوف تتحسن قدرتك على التواصل باللغة الألمانية بدون أن تشعر.
بعد أربع أو خمس سنوات من العمل ستجد أحياناً بأنك تفهم 100% من الكلمات، ولكن في المجال الطبي: في المستشفى، في المؤتمر، في الكورسات، في حديث عابر مع المرضى خارج مجال الطب. أيضاً حين تشاهد نشرة الأخبار.
هذا لا يعني أنك ستكون قد أتقنت اللغة الألمانية. سوف تعاني من صعوبة في فهم بعض المرضى الذين يتحدثون بلهجات غريبة أو يستخدمون كلمات غير مألوفة، وقد تطلب إعادة السؤال مرتين أو ثلاثة في بعض الأحيان حين يطرح عليك سؤال ما.
وماذا عن استخدام اللغة خارج المجال الطبي؟ إنهم يستخدمون في أحاديثهم كلمات وتعابير لا يعرفها إلا من ترعرع هنا! يحتاج إتقان اللغة إلى مجهود ليس بالقليل: السؤال عن كل كلمة، قراءة الروايات، المداومة على الأفلام والمسلسلات، مصادقة الألمان خارج العمل.
وإذا لم تبذل مثل هذا المجهود فإن لغتك الألمانية سوف تصل إلى مستوى معين وتبقى ثابتة عنده، بل ستلاحظ أنها ستتراجع بعض الشيء لأنك ستنسى بعض ما درسته من كلمات وتعابير متقدمة. وستداوم على استخدام مجموعة محدودة من المفردات والتعابير الشائعة وتكتفي بها. يظهر ذلك في نهاية المخطط أعلاه.
فإذاً اللغة الألمانية هي إحدى أكبر العقبات والصعوبات أمام الطبيب الأجنبي الذي يريد أن يعمل في ألمانيا. الأمر لا يقتصر على موضوع اللغة بحد ذاتها، وإنما يمتد إلى تأثر التواصل الاجتماعي والتقارب مع الآخرين بسبب عدم القدرة على إتقان اللغة كما سنتحدث لاحقاً.
وضعت لك في نهاية المقالة رابطاً إلى مقالة بالعربية على موقع DW يتحدث فيها الكثير من الشباب عن تجربتهم في تعلم اللغة الألمانية والصعوبات التي واجهتهم في هذه الرحلة.
كما وضعت لك رابطاً لفيديو آخر طريف جداً تتحدث فيه فتاة أمريكية من أصل ألماني باللهجات المختلفة للغة الألمانية المستخدمة في عدة ولايات. من خلال هذا الفيديو يمكنك أن تلمس بشكل مباشر مدى الصعوبة في تعلم هذه اللغة على المدى القصير، وإتقانها على المدى الطويل الذي يصل إلى درجة الاستحالة!
تذكر أن الوضع قد لا يكون كذلك في جميع الأحيان وبعض الأشخاص لديهم موهبة لغوية أكثر من غيرهم، ولكننا نبالغ في نقل الصورة بعض الشيء بحيث تأخذ فكرة واقعية عما يعانيه الكثير من الأطباء خلال التخصص والعمل في ألمانيا.
لا بد من استثمار مادي كبير في بداية مشروع السفر إلى ألمانيا. سيلزمك الكثير من المال بدءاً من الخطوات الأولى التي تتخذها تحضيراً للسفر إلى أن تبدأ بعملك الأول. بمجرد بدئك بالعمل فسوف تحصل على مرتب ولن تحتاج إلى المزيد من المال.
سوف تحتاج بشكل تقديري إلى حوالي 15,000 إلى 20,000 يورو على الأقل لتغطي مصاريفك خلال فترة وجودك في ألمانيا إلى أن تبدأ بالتحصيل المادي.
هذا المبلغ ليس بسيطاً للكثير من الناس، وليس من السهل الحصول عليه. والمشكلة الأكبر هي أنه لا يمكن تماماً معرفة ما هو المبلغ الذي سيحتاج إليه الطبيب بالضبط إلى أن يبدأ بالعمل.
كل تأخير غير متوقع وكل مشكلة طارئة في الأوراق أو الامتحانات أو تأخر في معالجة الطلبات سيؤخر بدء الطبيب بالعمل، وبالتالي ستزداد المصاريف مع كل شهر يبقى فيه الطبيب بدون عمل.
من أين يحصل الأطباء الشباب عادة على مثل هذا المبلغ للسفر إلى ألمانيا؟ يمكن للبعض أن يحصل على دعم مادي من الأهل إذا كان الوضع المادي يسمح، أو أن يستدين المبلغ من معارفه.
إذا كان الطبيب يعمل أصلاً في بلده ويحصل على عائد مادي جيد فيمكنه ادخار هذا المبلغ، وهو بالطبع ليس بالأمر الشائع أو السهل لطبيب في بداية حياته المهنية في الدول ذات الدخل المنخفض.
الكثير من الأطباء يسافرون إلى بلد عربي آخر يحصل فيه الأطباء على مرتبات جيدة. سوف يضحي الطبيب هنا بفترة زمنية ربما تبلغ سنتين أو أكثر إلى أن يتمكن من الوصول إلى ألمانيا.
إذا احتاج الطبيب إلى استدانة كامل المبلغ من عائلته أو من معارفه فربما يحتاج إلى وقت طويل حتى يتمكن من رد ما عليه من ديون.
وكما ذكرنا فإن تكلفة المشروع ربما تصل إلى 20,000 يورو. وإذا كان الطبيب قد استدان المبلغ بشكل كامل ثم استطاع بعد البدء بالعمل في ألمانيا توفير 1000 يورو من مرتبه شهرياً فسيحتاج حتماً إلى أكثر من سنة حتى يرد ديونه.
ذكرنا معلومات كاملة عن الأمور المالية في مقالة تكاليف السفر ورواتب الأطباء في ألمانيا، كما يمكنك حساب التكلفة التقريبية لسفرك إلى ألمانيا حتى بدئك بالعمل في صفحة Brildox Cost Estimation.
كيف يقوم الطبيب بتعديل شهاداته والحصول على ترخيص العمل كطبيب في ألمانيا؟ بطبيعة الحال من خلال التواصل مع الهيئات المسؤولة عن التعديل وتقديم الأوراق اللازمة.
هذا التواصل بحد ذاته الذي يشمل تحضير الأوراق وتصديقها وتقديمها إلى الهيئات ثم استكمال الناقص منها والانتظار لفترات طويلة حتى الحصول على موعد للامتحان يشكل إحدى العقبات الكبيرة في وجه الطبيب الأجنبي. سنفصل أكثر في هذا الموضوع.
تعتبر البيروقراطية إحدى العقبات الصعبة أمام الطبيب الأجنبي في ألمانيا. هذا البلد شهير بالبيروقراطية المفرطة: إجراءات مكتبية طويلة غير مبررة ويمكن اختصار الكثير منها، تؤدي لإطالة أمد المعاملات وتعقيد الإجراءات.
حسب هيئات التعديل فإن هذه الإجراءات لا غنى عنها لمنح الترخيص للأطباء، فلا بد لهذه الهيئات من دراسة أوراق الأطباء والتحقق منها والتأكد من مستواهم اللغوي والطبي قبل السماح لهم بالعمل.
لهذه الغاية تم وضع الكثير من القوانين التي تنظم هذه الأمور، مثلها مثل جميع مناحي الحياة. ولكن هذا "التنظيم المفرط" يشكل عائقاً كبيراً في وجه الطبيب منذ اللحظة الأولى لتواصله مع جهات التعديل الألمانية. في هذا السياق أقتبس هذه العبارة من مقال لأحد الصحفيين السوريين الذين عانوا من هذه المشكلة:
على سبيل المثال حين ترغب بمراسلة الهيئات المسؤولة عن التعديل من بلدك فإن فإن بعض الموظفين قد لا يقبلون بالترجمة من خارج ألمانيا وإنما تطلب إعادة ترجمة الوثائق في ألمانيا حفاظاً على المصداقية والدقة.
أحياناً تكون قد أحضرت أوراقاً معينة فتطلب منك هيئة التعديل إعادة استخراج نفس الأوراق مجدداً نظراً لأن الأوراق مضى عليها فترة من الزمن. في بعض الأحيان تكون طلباتهم غير منطقية أو مبررة!
من جهة أخرى فإن المراسلات يجب أن تتم عن طريق البريد بداخل ألمانيا، وبذلك ينبغي أن يتوفر شخص تعرفه في ألمانيا بحيث يمكنه إرسال واستقبال الرسائل والأوراق على صندوقه البريدي. ولا تقبل المراسلات عن طريق الإيميل على سبيل المثال. وإذا أردت المراسلة من خارج ألمانيا فعليك أن تستخدم البريد أيضاً!
بالإضافة إلى ذلك فإن أي خطوة يجب أن تقوم بها في ألمانيا سوف تحتاج إلى ملء كمية لا يستهان بها من الاستمارات والاستبيانات، بالإضافة إلى الأوراق التي ستصلك من حين لآخر بالبريد لتعبئها وتعيد إرسالها. سيأخذ ذلك حيزاً أسبوعياً من وقتك!
أحد الأمثلة الألمانية الساخرة يقول: استمارات واستمارات، من المهد إلى اللحد!
مع هذا التنظيم الكبير للأعمال المكتبية تأتي بطبيعة الحال الرتابة في العمل. هذا يعني أن كل خطوة تقوم بها في ألمانيا تحتاج إلى فترة انتظار طويلة، نظراً لأن الموظفين يأخذون كامل وقتهم في معالجة كل طلب.
سنذكر هنا بعض الأمثلة. حين ترسل بأوراقك إلى مركز التعديل فلن تحصل على الجواب مباشرة، وإنما يتوجب عليك الانتظار لعدة أسابيع قبل أن تتلقى رداً. ناقشنا هذه الأمور والخطوات بشكل مفصل في مقالة هيئات التعديل في ألمانيا.
وهنا قد تُطلب منك أوراق جديدة. ستحتاج أيضاً إلى فترة إضافية لتحضر هذه الأوراق أو تحصل عليها. بعد ذلك تقوم بإرسال هذه الأوراق وتنتظر الرد مرة أخرى. وفي هذه الحالة قد يختفي الموظف لعدة أسابيع أخرى قبل الرد عليك.
بعد اكتمال الأوراق قد ترغب بطلب موعد لامتحان اللغة الطبية. لن تحصل على موعد قبل ثلاثة أشهر أو أكثر. ماذا عن امتحان الأبروباتسيون؟ عليك الانتظار لسنة على الأقل قبل أن تتمكن من التقدم للامتحان. يختلف الأمر من ولاية لأخرى بطبيعة الحال.
السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة: لماذا الوضع على هذه الشاكلة؟ الإجابة ببساطة هي أن هناك عدداً كبيراً من الأطباء الأجانب الذين يتقدمون لهذا الامتحان، وفي الوقت نفسه هناك القليل من اللجان التي تمتحن الأطباء، وفقط في تواريخ محدودة.
ولذلك يتوجب على كل طبيب الانتظار إلى أن يحين دوره.
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه: لماذا لا تقوم الهيئات المسؤولة عن التعديل بتحديد مواعيد إضافية للامتحان بحيث يجرى الامتحان بتواتر أكبر؟
في الواقع تم إجراء ذلك. في الماضي لم تكن الامتحانات تجرى بهذا التواتر. ومع زيادة نسبة الأطباء الذين يحتاجون لتقديم هذه الامتحانات فقد قامت معظم الهيئات بزيادة تواتر إجراء الامتحان.
على الرغم من ذلك –ولأسباب تنظيمية بحتة– فإن هذه الهيئات لا تستطيع إجراء الامتحانات بتواتر أكثر من ذلك. لا يمكنهم مثلاً تنظيم الامتحان كل يوم أو كل أسبوع. ولذلك فإن على الأطباء الانتظار لفترات أطول.
لا تكمن المشكلة في هذه النقطة فحسب: إذا لم ينجح الطبيب في الامتحان فإن عليه الانتظار أيضاً لمدة ستة أشهر وربما أكثر للحصول على موعد جديد للمحاولة الثانية. المزيد من فترات الانتظار، المزيد من التكاليف المادية، المزيد من الضغط النفسي والاكتئاب!
بسبب فترات الانتظار هذه فإن طريق ألمانيا هو عادة مشوار طويل. إذا بدأت بدراسة اللغة الألمانية اليوم فلن تبدأ بالتخصص إلا بعد سنتين على أقل تقدير.
إنها أيضاً إحدى العقبات الكبرى أمام الأطباء في مراحلهم الأولى. في ألمانيا تعتبر كل ولاية وحدة مستقلة بحد ذاتها، ولديها قوانينها وأنظمتها الخاصة. انظر مقالة معلومات جغرافية حول ألمانيا.
حتى في شؤون التعديل الطبي فإن لكل ولاية نظامها الخاص بالنسبة للآلية والأوراق والتفاصيل والجزئيات الصغيرة. وبالتالي حين تقدم أوراقك إلى هيئة التعديل في ولاية معينة، فإن علاقتك ستكون مع هذه الولاية حصراً.
إذا تقدمت بأوراقك ثم اكتشفت بأنك غير قادر على استكمال الملف في هذه الولاية بسبب طلب أوراق غير متوفرة لديك، أو إذا لم توفق في امتحان اللغة الطبية بسبب صعوبته، فربما ترغب بالانتقال إلى ولاية أخرى.
وفي هذه الحالة يتوجب عليك نقل الملف بشكل كامل إلى الولاية الجديدة، ويعتبر ذلك بمثابة تقديم طلب جديد، طبعاً مع فترات الانتظار المترتبة على ذلك. وقد تحدثنا عن هذا الموضوع بشيء من التفصيل في المقالة الخاصة باختيار الولاية المناسبة.
حتى يتمكن الطبيب من العمل في ألمانيا فهو يحتاج إلى الحصول على الترخيص الدائم لممارسة مهنة الطب أو الأبروباتسيون (Approbation).في معظم الولايات يمكن قبل ذلك منح الطبيب ترخيص مؤقت لممارسة المهنة يدعى مجازاً بالبيروف (Berufserlaubnis).
هذا الترخيص المؤقت تبلغ مدته سنتين عادة وينبغي على الطبيب خلال هذه الفترة تجاوز امتحان التعديل والحصول على الترخيص الدائم. تحدثنا عن هذه الأمور بشكل مفصل في مقالة الدخول في نظام التخصص الطبي في ألمانيا.
المشكلة هي أن الهيئات المسؤولة عن التعديل في كثير من الولايات تطلب من الطبيب عند تقديم أوراقه وعداً بالعمل من الولاية: وثيقة تثبت أن إحدى المستشفيات أو العيادات في هذه الولاية ترغب بتشغيل الطبيب لديها.
فإذاً يتوجب على الطبيب في هذه الحالة تقديم طلب توظيف (Bewerbung)إلى المستشفيات للعثور على فرصة عمل والحصول على هذه الورقة.
حين يذهب الطبيب إلى المقابلة (وهو لا يزال جديداً في ألمانيا بطبيعة الحال) سيتم حتماً سؤاله عن ترخيص العمل:
وهنا يتوجب على الطبيب شرح الموضوع: يجب أن أحصل منكم على وعد بالعمل (Einstellungszusage)حتى أتمكن من تقديم أوراقي إلى هيئة التعديل. وبعد ذلك يمكنني أن أحصل على ترخيص العمل وأن أبدأ بالعمل.
وحسب النظام المتبع في الولاية ربما يتوجب على الطبيب بعد حصوله على الوعد بالعمل إتمام الأوراق للحصول على موعد للتقدم لامتحان اللغة الطبية. وبالتالي حتى ينجح في الامتحان ويحصل على الترخيص فهذا يحتاج إلى عدة أشهر إضافية.
نتابع الحوار:
ما الذي يحدث في هذه الحالة؟ رئيس القسم يحتاج إلى طبيب بشكل سريع ولا يعرف متى ستنتهي هذه الإجراءات، ولا يستطيع أن يضمن متى سيتسلم الطبيب العمل. لذلك في كثير من الأحيان يتم رفض الطبيب لأنه لا يزال غير جاهز للعمل.
يعود الطبيب إلى الهيئة المسؤولة عن التعديل ويقول لهم:
وهكذا يدخل الطبيب في هذه الحلقة المفرغة: لا يستطيع الحصول على الترخيص إلا بعد أن يؤمن وعداً بالعمل، والمستشفيات لا تعطيه وعداً بالعمل طالما ليس لديه ترخيص، إلا إذا تفهموا الوضع أو كان لديه معارف مقربين يساعدونه في ذلك.
بالمناسبة، عبارة حلقة مفرغة تعني بالألمانية Teufelskreis،ومعناها الحرفي: دائرة الشيطان!
هذه الحلقة المفرغة هي من أكبر المشاكل التي تواجه الأطباء الجدد في ألمانيا. وكما ذكرت فإن بعض الولايات تسمح بتقديم الأوراق بدون وجود الوعد بالعمل بمجرد سكن الطبيب في الولاية. يختلف ذلك من ولاية لأخرى.
المسؤول عن ذلك هو الهيئة المسؤولة عن التعديل الطبي في الولاية. ولمعرفة فيما إذا كان الوعد بالعمل مطلوباً عليك الدخول إلى الموقع الإلكتروني للهيئة المسؤولة عن التعديل في الولاية وقراءة الأوراق المطلوبة. وضعنا لك جميع الروابط في هذه الصفحة.
كما أصبحت تعرف فإن هناك على الأكثر ثلاثة امتحانات يتوجب على الأطباء الأجانب اجتيازها قبل الحصول على الترخيص الدائم في ألمانيا. تحدثنا عن الآلية والتسلسل بالتفصيل في مقالة الدخول في نظام التخصص الطبي.
معظم الأطباء يتمكنون من اجتياز هذه الامتحانات الثلاثة من المرة الأولى. على الرغم من ذلك فإن البعض قد لا يوفق في هذا الامتحان أو ذاك، مما يضطره لإعادة الامتحان مرة أخرى: المزيد من فترات الانتظار والتكاليف المادية.
الامتحان الأول هو امتحان اللغة العامة B2. هذا الامتحان ليس سهلاً على الإطلاق ويتطلب معرفة لغوية قوية، ولكن النجاح فيه شبه مضمون في حال التحضير له بشكل جيد نظراً لوجود معايير شبه ثابتة للامتحان. بعض الأطباء يضطرون لإعادته مرة ثانية.
الامتحان الثاني هو امتحان اللغة الطبية (Fachsprachprüfung).هناك بعض التفاوت في مستوى هذا الامتحان وصعوبته بين الولايات. في معظم الحالات تكون صعوبة الامتحان مقبولة.
أحياناً قد لا يوفق الطبيب في الامتحان على الرغم من التحضير الممتاز بسبب صعوبة اللجنة الفاحصة. وقد يرسب الطبيب في الامتحان لمرتين متتاليتين. الأمر الجيد هو أنه يمكن إعادة هذا الامتحان لعدد غير محدود من المرات.
أما الامتحان الثالث فهو امتحان المعرفة الطبية (Kenntnisprüfung)الذي يؤهل للحصول على شهادة الأبروباتسيون. إذا تم الاعتراف بشهادة كلية الطب من خلال المعادلة المباشرة (Gutachten)فربما لا تحتاج لتقديم هذا الامتحان (تحدثنا عن هذه النقطة بالتفصيل في موضوع الهيئات المسؤولة عن تنظيم عمل الأطباء).
يحتاج امتحان الأبروباتسيون إلى التحضير الجيد لعدة أشهر مع توفر لغة ألمانية جيدة. المشكلة الأساسية في الامتحان هي عدم وجود معايير ثابتة بين اللجان الفاحصة، مما يؤدي إلى تفاوت نسب النجاح بشكل كبير من ولاية لأخرى وحتى من لجنة لأخرى داخل الولاية الواحدة.
في بعض الأماكن قد يتقدم أربعة أطباء إلى الامتحان وينجحون جميعهم. في مكان آخر قد يتقدم 12 طبيباً وينجح 8 منهم. في مكان آخر قد تكون نسبة النجاح أقل من النصف. لا توجد نسب ثابتة والموضوع يتفاوت بشكل كبير حسب الولاية وحسب اللجنة.
المشكلة هي أن الرسوب في الامتحان يعني مبدئياً ضرورة الانتظار لستة أشهر على الأقل حتى الحصول على موعد جديد. بالإضافة إلى ذلك فإن الطبيب يكون قد خسر إحدى الفرص الثلاثة.
فإذاً في هذا الامتحان لديك ثلاث فرص فقط للنجاح. إذا لم توفق في الامتحان في المرة الثالثة فهذا يعني حسب وجهة نظر هيئات التعديل أنك غير مؤهل لممارسة الطب في ألمانيا. حدث ذلك في حالات قليلة.
عندها عليك العثور على بلد آخر للعمل كطبيب. هذا يعني أن كل ما بذلته من مجهود وصرفته من مال على مدى سنتين أو أكثر سيكون قد ذهب في مهب الريح. سيناريو سيء جداً، ولكنه يحصل للأسف.
لنقل بأن الطبيب يمتلك أصلاً الترخيص المؤقت أو الدائم. لا يزال الحصول على أول فرصة عمل في ألمانيا ليس بالأمر السهل، وذلك على الرغم من وجود حاجة للأطباء. لماذا يحدث ذلك؟
السبب الأول هو اللغة. يتقدم طبيب جديد بطلب توظيف لدى أحد رؤساء الأقسام، فيجد رئيس القسم بأن هذا الطبيب يتحدث الألمانية بشكل متواضع جداً لأنه لم ينخرط بعد في الحياة اليومية.
السبب الثاني هو عدم وجود خبرة في ألمانيا. مهما كانت لدى الطبيب خبرة طبية سابقة خارج ألمانيا (وحتى لو كان استشارياً)، فإن العمل في ألمانيا مختلف كلياً. الكلام هنا عن الناحية الإدارية أكثر منه عن الناحية الطبية. لماذا؟
لأن أي طبيب أجنبي سيبدأ بالعمل حتماً كطبيب مقيم. خلال ذلك سيكون عليه القيام بأعمال غير طبية خلال جزء كبير من الوقت. إنجاز هذه الأعمال يحتاج إلى معرفة بنظام المستشفيات الألمانية وطبيعة العمل، وبالتأكيد اللغة الألمانية الجميلة.
ولذلك إذا لم يكن رئيس القسم بحاجة ماسة جداً للطبيب فسوف ينتظر قليلاً إلى أن يتقدم للوظيفة طبيب متخرج من جامعة ألمانية: يتقن اللغة الألمانية ويعرف من خلال تدريبه في المستشفيات أثناء الدراسة في كلية الطب كيف تسير الأمور.
أو ربما ينتظر طبيباً آخر لديه خبرة سابقة في ألمانيا لسنة أو سنتين ويرغب الآن بتغيير مكان عمله. سيبقى على الأقل أفضل من طبيب لا يدري أي شيء عن نظام العمل في المستشفى ويحتاج للتدريب من الصفر!
إجراءات المقابلة والتوظيف هي أيضاً ليست بالقصيرة. إذا أرسلت طلب التوظيف اليوم فإن المستشفى قد ترد عليك بعد أسبوعين وربما أكثر. وإذا رغبوا بمقابلتك فسوف يكون موعد المقابلة بعد أسبوعين آخرين من ذلك وربما أكثر. وربما لن تعرف فيما إذا حصلت على العمل أم لا إلا بعد أسبوعين أو أكثر من المقابلة. لا توجد قاعدة!
لذلك فإن الحصول على العمل الأول في ألمانيا هو الأكثر صعوبة. يمكن لرئيس القسم أن يتحمل بعض النقص في الأطباء لديه ولو لعدة أشهر، ولكنه قد لا يتحمل طبيباً جديداً بالكاد يستطيع أن يفهم ما يطلب منه وليست لديه أي فكرة عن طبيعة العمل في المستشفى.
وبالتالي توقع بأنك قد تسافر لمسافات بعيدة وتجري الكثير من المقابلات وتدفع الكثير من المال ثم لا تحصل على عمل، وتضطر للمراسلة والبحث مجدداً وتنفق المزيد من المال خلال فترات الانتظار هذه.
بعد أن يحصل الطبيب على أول وظيفة له في ألمانيا ويكتسب بعض الخبرة وتتحسن لغته فإن الحصول على وظيفة أخرى لاحقاً ليس بالأمر الصعب على الإطلاق، بل إنه يعتبر ورقة رابحة لأي قسم يحتاج إلى أطباء مقيمين!
قبل اختتام هذه الفقرة أشير إلى أننا لخصنا جميع الإجراءات والأوراق اللازمة في مقالة مفصلة حول خطوات السفر إلى ألمانيا للأطباء، والتي تعكس التعقيد الموجود في الإجراءات والمعاملات الرسمية هنا.
أخيراً تذكر بأن الوضع قد لا يكون بهذا السوء في جميع الحالات. الكثير من الأطباء تجاوزوا الإجراءات وحصلوا على عملهم الأول بشكل سريع. ولكننا ننقل الصورة الأكثر تشاؤماً حتى لا تتفاجأ إن تعرضت لمثل هذه الظروف!
يمكن للطبيب الأجنبي في ألمانيا من الناحية النظرية الحصول على أي تخصص. المقصود من ذلك هو أنه لا توجد تخصصات ممنوعة على الأجانب أو مخصصة لخريجي ألمانيا أو أوروبا. ولكن المشكلة هنا هي موضوع العرض والطلب.
إذا لم تكن لديك فكرة سابقة عن كيفية توزيع مقاعد التخصص في ألمانيا فأنصحك أولاً بالاطلاع على مقالة الدخول في نظام التخصص الطبي. كذلك تحدثت عن التخصصات الأكثر طلباً في ألمانيا في الوقت الحالي في مقالة منفصلة. أما في هذا السياق فسأقتصر على ذلك بعض الأمثلة العملية.
لنأخذ أولاً تخصص التخدير. هذا التخصص مطلوب بشكل كبير في معظم مناطق ألمانيا. لماذا؟ لأن جميع المستشفيات حتى الصغيرة منها فيها أقسام للعمليات وتحتاج إلى أطباء تخدير أثناء اليوم وخلال المناوبات الليلية.
بالإضافة إلى ذلك فإن أقسام التخدير هذه تحتاج عادة إلى عدد جيد من الأطباء لتغطية جميع قاعات العمليات ووحدة العناية المركزة والمناوبات وأيام العطل، وبعضهم يعمل في طب الطوارئ على سيارات الإسعاف. وبالتالي فإن الوظائف المعروضة ستكون أكثر.
في الوقت نفسه فإن هذا الاختصاص لا يعتبر من الاختصاصات المرغوبة كثيراً من قبل الأطباء، نظراً لأن ضغط العمل فيه مستمر والمناوبات الليلية فيه قد تكون مرهقة، حتى على المدى الطويل بالنسبة للاستشاريين.
لجميع هذه الأسباب فإن العثور على فرصة في مجال التخدير هو أمر متاح في ألمانيا، نظراً لوجود عدد كبير نسبياً من الفرص بالإضافة إلى عدم وجود منافسة كبيرة.
ماذا عن تخصص الأمراض الجلدية؟ الأمر مختلف. يعتبر هذا التخصص مرغوباً بشدة من الألمان وغير الألمان، نظراً لأنه تخصص جميل والعمل فيه مريح نسبياً، كما أن عائداته جيدة بعد إنهاء التخصص، حيث يمكن للطبيب العمل في عيادة خاصة.
ولكن ما هو عدد عروض العمل للتخصص في الأمراض الجلدية في المستشفيات الألمانية؟ في الواقع قليل. ولماذا؟ السبب الأول هو أن القليل من المستشفيات تحتوي على أقسام خاصة بأمراض الجلد.
أما السبب الثاني فهو أن قسم الأمراض الجلدية لا يحتاج عادة إلى عدد كبير من الأطباء المقيمين، فضغط العمل أقل مما هو عليه في التخصصات الأخرى.
لهذه الأسباب فإن الوظائف الشاغرة وعروض العمل كطبيب مقيم في تخصص الأمراض الجلدية تكون قليلة، وبالتالي تكون المنافسة عليها كبيرة والحصول عليها صعب.
فإذاً لدينا في بعض التخصصات الصعبة عدد كبير من الأطباء يتنافسون على عدد محدود من الوظائف. وهنا لم ستكون الأولوية؟ بطبيعة الحال للطبيب الذي درس في ألمانيا، ويتحدث الألمانية بشكل ممتاز، ويعرف طبيعة العمل في المستشفيات الألمانية.
فإذاً بشكل عام عليك أن تعرف بأن من الممكن من الناحية النظرية الحصول على أي تخصص. ولكن من الناحية العملية هناك الكثير من التخصصات التي يكون الحصول عليها أكثر صعوبة.
فإذاً ربما كنت تحلم بأحد هذه التخصصات، تسافر إلى ألمانيا وتتجاوز جميع المراحل. بعد المراسلة تقوم بعدد كبير من المقابلات ولا تحصل على أي فرصة عمل، وتضطر في النهاية للعمل في تخصص آخر.
صحيح أنه يمكنك التغيير في أي مرحلة إلى تخصص آخر بعد أن تزداد خبرتك وتتحسن لغتك، ولكن لا توجد أي ضمانة بأن تعثر على وظيفة شاغرة في التخصص الذي تحلم به ما لم تسنح أمامك فرصة استثنائية، فالموضوع دائماً عرض وطلب.
لا توجد إحصائيات رسمية حول التخصصات الأكثر طلباً في ألمانيا بالنسبة للأطباء المقيمين. ولكننا قمنا بدراسة بسيطة لمحاولة معرفة التخصصات الأكثر طلباً في مجال الطب البشري في ألمانيا.
يمكن تصنيف التخصصات الطبية من حيث إمكانية الحصول عليها بشكل عام جداً وتقريبي إلى أربع فئات:
أكرر مرة أخرى: هذه مجرد تقديرات شخصية ولا يمكن وضع قواعد مطلقة. هناك الكثير من الأطباء العرب الذين يعملون اليوم في جميع هذه التخصصات، حتى التخصصات الأصعب. ربما تكون لديك رغبة بتخصص صعب وتحصل عليه من المراسلة الأولى.
ولكننا هنا ننقل الصورة الأسوأ حتى تحصل على صورة واقعية عن الوقع ولا تنصدم إن لم تتمكن من العثور على تخصص أحلامك بعد مئات المراسلات!
يعتمد نظام التخصص في ألمانيا على العمل والاحتكاك بالمرضى واكتساب الخبرة والمعرفة من الزملاء من خلال الممارسة العملية اليومية، وليس من خلال دراسة أكاديمية أو برنامج تدريسي.
يضاف إلى ذلك الكثير من المجهود الشخصي الذي يتطلب الدراسة الذاتية والاطلاع على المستجدات وإجراء الكورسات الطبية والمشاركة في المؤتمرات وورشات العمل حتى يصبح الطبيب مؤهلاً للتقدم لامتحان الاختصاص والعمل كاختصاصي.
وقد ذكرنا الكثير من التفاصيل عن سير التخصص الطبي في ألمانيا في مقالة منفصلة. أما هنا فنناقش بعض السلبيات التي يتوجب معرفتها من قبل كل طبيب يرغب بالقدوم إلى ألمانيا للتخصص والعمل.
في الكثير من الدول العربية والأجنبية يكون هناك برنامج محدد أو متفق عليه للتخصص، بحيث تكون هناك مسؤوليات معينة أو إجراءات محددة يتوجب على الطبيب أن يقوم بها في كل سنة من سنوات التخصص.
على سبيل المثال يتوجب على الطبيب في التخصصات الجراحية تعلم مجموعة معينة من العمليات الجراحية الجديدة في كل سنة من سنوات الاختصاص. وتتاح له الفرصة للمساعدة في هذه العمليات وتعلمها تدريجياً إلى أن يتمكن من إجرائها بنفسه.
الوضع في ألمانيا مختلف بعض الشيء. في كثير من الأقسام لا يوجد مثل هذا البرنامج، وبالتالي فإن الطبيب المقيم لا يشعر بأن هناك من يهتم بتدريبه أو تعليمه مهارات معينة بشكل أكاديمي أو منظم، خصوصاً إذا لم يبذل مجهوداً ذاتياً في التعلم.
في نفس الوقت يشعر الأطباء المقيمون أنهم يقومون بنفس العمل سواءً كانوا في السنة الثانية أم السنة الأخيرة من التخصص، فجميعهم يقومون بنفس المهام أثناء يوم العمل أو المناوبات. ولا يشعر الطبيب بوجود فارق وظيفي أثناء التقدم في سنوات التخصص.
وأحياناً قد لا تتاح للطبيب الفرصة لإنهاء العمليات الجراحية أو الإجراءات التي يجب عليها إتمامها وتوثيقها خلال الاختصاص إلا في السنتين الأخيرتين من التخصص.
النقطة الثانية التي ينبغي التأكيد عليها هي تأخر تعلم الإجراءات والتداخلات الطبية المتقدمة في الاختصاص والتي تحتاج إلى مهارة وخبرة.
ينطبق ذلك بشكل خاص على العمليات الجراحية وعلى التداخلات الباطنية مثل المناظير الهضمية والتنفسية والقثطرة القلبية وكذلك الأشعة التداخلية وكل تخصص فيه إجراءات يمكن أن تحتاج إلى خبرة عملية.
لا ينطبق ذلك على التخصصات السريرية الأخرى التي ليست فيها تداخلات، ذلك أن المستوى العلمي يكون مرتفعاً والتعامل مع الحالات يكون منهجياً، ويتعلم الأطباء بشكل ممتاز ويعملون في إطار القواعد العلمية المتبعة.
ولكن لماذا يتأخر تعلم التداخلات في ألمانيا؟ السبب في ذلك هو الحرص على سلامة المرضى، ذلك أن التداخلات المتقدمة تحتاج إلى خبرة وممارسة لعدة سنوات، ويجب أن تجرى من قبل الأطباء الذين لديهم خبرة حقيقية فيها لتحقيق أفضل النتائج لدى المرضى.
هذا يعني أن الطبيب سيتقن خلال فترة التخصص أساسيات الاختصاص، ويستطيع معالجة الحالات الشائعة وإجراء التداخلات الأساسية بشكل مستقل. ولكنه لن يتعلم التداخلات المتقدمة إلا بعد إنهاء التخصص.
لذلك ينبغي على الطبيب أن يعمل لمدة ثلاث سنوات على الأقل بعد إنهاء التخصص للحصول على ما ينقصه من المهارات اللازمة لممارسة هذا التخصص بشكل شبه كامل.
وهذه الفترة قد تطول لأكثر من ذلك إذا لم تسنح للطبيب الفرصة للعمل كطبيب استشاري (انظر موضوع الانتقال من طبيب اختصاصي إلى استشاري في مقالة المسميات الوظيفية).
حتماً. من أين جاء إذاً كل هؤلاء الاستشاريين والباطنيين والجراحين المبدعين من الألمان والأجانب على حد سواء الذين يديرون العمل في المستشفيات الألمانية؟ ومن إذاً يقوم بإجراء العمليات الجراحية المعقدة وعمليات زرع الأعضاء؟
ألمانيا مناسبة للطبيب الذي ليست لديه مشكلة من البقاء في ألمانيا لعدة سنوات على الأقل بعد إنهاء التخصص، وغير مناسبة للطبيب الذي ليس لديه صبر ويستعجل في تعلم كل شيء ثم مغادرة ألمانيا سريعاً.
وهي مناسبة للطبيب المستعد لبذل مجهود كبير على نفسه من خلال التعلم الذاتي والقراءة المستمرة، وغير مناسبة للطبيب الذي ينتظر أن يقوم الآخرون بتعليمه أو يتوقع أن يأخذوا بيده ويعلموه كل صغيرة وكبيرة في التخصص.
لا تتوقع أن تصبح خبيراً بإجراء عمليات تبديل المفاصل بمجرد إنهاء اختصاص جراحة العظام، أو عمليات أورام الدماغ عند إنهاء تخصص جراحة الأعصاب، أو إجراء منظار الطرق الصفراوية (ERCP) في اختصاص الجهاز الهضمي. ستتقن ذلك بعد التخصص.
أكرر مرة أخرى بأن كل قسم له وضعه الخاص حسب اهتمام رئيس القسم بتدريب الأطباء، والكثير من الأقسام فيها برنامج محدد وواضح ويتم تدريب الأطباء فيها بشكل ممتاز. ربما تكون محظوظاً بالعمل في قسم مثالي مع أشخاص رائعين، وربما لا.
عند العمل بدوام كامل فإن وقت العمل اليومي لا يقل قانونياً عن ثمان ساعات ونصف في اليوم الواحد. في معظم الأحيان لا يمكن للطبيب إنهاء واجباته خلال هذه الفترة بسبب ضغط العمل، وبالتالي يتوجب عليه البقاء لساعات إضافية.
هذه الساعات الإضافية تتفاوت بشكل كبير من مكان لآخر. ولكنها في بعض الأحيان قد تصبح كثيرة وقد تصل إلى ساعتين أو ثلاثة أو ربما أكثر في اليوم الواحد بعد فترة العمل العادية. ناقشنا هذا الموضوع في مقالة أوقات العمل.
المشكلة ليست فقط في العمل لساعات إضافية. المشكلة أيضاً في حجم العمل الذي يتوجب إنجازه خلال اليوم. بسبب ضغط العمل الشديد والمستمر فإن العمل لمدة 10 ساعات في اليوم الواحد قد يعادل العمل لمدة 15 ساعة في بلد آخر ضغط العمل فيه أخف.
فالطبيب المقيم يمتلك عادة مسؤوليات كثيرة وعليه إنجاز الكثير من المهام. وخصوصاً في المستشفيات الكبيرة حيث هناك حركة كثيفة للمرضى، حيث يتعرض الطبيب بالفعل لضغط متواصل من العمل الكثيف بحيث يصل إلى نهاية اليوم مرهقاً.
انظر على سبيل المثال ما ذكرناه في مقالة يوم العمل النموذجي للطبيب المقيم، والتي تعكس صورة حقيقية عن مسؤوليات الطبيب خلال يوم العمل النظامي والمناوبات الليلية.
قد يقول قائل: ما المشكلة من ساعات العمل الطويلة؟ الإجابة: سيؤثر ذلك على نوعية حياتك بشكل كبير.
في بلدك قد تعمل في المستشفى من الثامنة صباحاً حتى الثانية أو الثالثة ظهراً بدون أن تستنزف كل طاقتك، ويمكنك عند العودة إلى المنزل الاستفادة من الوقت والقيام بنشاطات أخرى شخصية أو اجتماعية.
أما في ألمانيا فسوف تخرج من بيتك مبكراً جداً وتضطر للبقاء في المستشفى حتى وقت متأخر. وحين تعود إلى المنزل فسيكون لديك بالكاد ما يكفي من الطاقة لتناول بعض الطعام ثم الاستلقاء. يمكنك أن تنسى أي شيء آخر!
أن تلعب مع أولادك قليلاً؟ أن تقوم على الأقل بتدريسهم؟ أن تقوم بنشاط ما مع زوجتك (إن لم تكن هي أصلاً محطمة أيضاً إذا كانت طبيبة)؟ كل ذلك يمكنك أن تنساه، في معظم الأيام!
صحيح أن العمل في المناوبات يقتصر على فترة 24 ساعة وبعد ذلك يمكنك العودة إلى المنزل، ولكن لكل شيء ثمن. في الكثير من الأحيان تتضمن هذه الساعات الــ 24 عملاً مستمراً ولا يمكنك النوم على الإطلاق.
هذا يعني أنك إذا عدت إلى منزلك بعد المناوبة وغفوت في فراشك في التاسعة صباحاً فسوف تستيقظ على أقل تقدير في الثالثة أو الرابعة عصراً بعد الإرهاق الشديد الذي تعرضت له خلال المناوبة.
وحين تستيقظ من النوم فستشعر باضطراب كامل في توازنك الذهني والجسدي. ستشرب الكثير من القهوة لتستعيد نشاطك، ولن تستطيع النوم حتى منتصف الليل أو ما بعد ذلك: اضطراب دورة النوم. أخبرني كيف ستشعر وأنت ذاهب إلى العمل في اليوم التالي!
وحتى في عطلة نهاية الأسبوع قد يكون لديك ما يكفي من التعب والإرهاق لتستغني عن أي مشروع يمكن القيام به. وربما تفضل البقاء في المنزل والاسترخاء على الذهاب إلى مراكز التسوق أو التنزه على الدراجة أو زيارة أصدقائك في الولاية المجاورة.
هذا إن لم تكن لديك أصلاً مناوبة في يوم السبت أو الأحد، وهو الأمر الذي سيحدث مرتين في الشهر عادة. وحين تكون لديك مناوبة يوم السبت فهذا يعني أنك ستعمل لأسبوعين متواصلين بدون عطلة حقيقية.
يؤدي ذلك لدى الكثير من الأطباء الذين يعملون في ألمانيا إلى حالة تعرف باسم متلازمة الإنهاك المهني (Burnout-Syndrom).إنها حالة من الاستنزاف الجسدي والنفسي يصل فيها الطبيب إلى حالة لا يعود خلالها قادراً على العمل ويحتاج إلى المعالجة النفسية.
قد لا يكون الوضع كذلك في كل مكان، ولكن تذكر أننا نبالغ بعض الشيء في نقل الصورة لتأخذ فكرة واقعية عما يعانيه بعض الأطباء خلال فترة التخصص في ألمانيا.
تعتبر الحاجة إلى التوثيق في ألمانيا جزءاً لا يتجزأ من العمل الطبي. سوف تتفاجأ من كمية المعلومات التي يقوم الأطباء بتوثيقها في الملفات الطبية الورقية والإلكترونية في كل يوم!
تشمل مثل هذه المهام الكثير من الأمور: توثيق حالة المريض عند القبول، التوثيق اليومي لتطور حالته، شرح الإجراءات التشخيصية والعلاجية اللازمة، الإجابة على استفسارات المريض وعائلته.
وفي المجالات الجراحية تأتي كذلك مهام أخرى: شرح تفاصيل العملية للمريض ومضاعفاتها المحتملة، الحصول على موافقته الخطية، توثيق سبب إجراء العملية ومبرراتها بالتفصيل في تقرير العملية، وطبعاً كتابة تقرير العملية الجراحية نفسها.
وعند إجراء أي حوار مع المريض أو أفراد عائلته حول القرارات المصيرية في التشخيص والعلاج فيجب توثيق ذلك. وكذلك عند حدوث مضاعفات أو تدهور في حالة المريض أو القيام بإجراءات معينة يجب أن يذكر ذلك في الملف.
أخيراً أي حركة للمريض بين الهيئات الطبية تستوجب كتابة رسالة تشرح كل ما تم إجراؤه: بين الأقسام المختلفة داخل المستشفى، من المستشفى نفسه إلى مستشفى آخر أو إلى مركز إعادة التأهيل، إلى طبيب متخصص آخر، أو إلى طبيب الأسرة الخاص به.
هل تعرف كم تأخذ هذه الإجراءات الإدارية من وقت الطبيب يومياً؟
ولكن، لماذا يتوجب على الأطباء القيام بهذا الكم من التوثيق؟ هناك سببان.
السبب الأول هو مصلحة المريض. يجب توثيق كل ما تم إجراؤه للمريض بشكل دقيق بحيث يعرف المشرفون اللاحقون على علاجه تفاصيل حالته. بهذه الطريقة يتم تقديم الرعاية المثالية للمريض وصيانة حقه في الحصول على الخدمة الطبية الأفضل.
أما السبب الثاني فهو حماية الطاقم الطبي من أطباء وممرضين. والطريقة الوحيدة لتأكيد العناية المقدمة للمريض بتفاصيلها هي توثيق وتسجيل كل ما يتم إجراؤه وتبريره بشكل واضح.
يكتسب ذلك أهمية كبرى في حال حدوث مضاعفات طبية خارجة عن إرادة الطاقم الطبي، أو في حال رفع المريض أو عائلته لدعوى قضائية بداعي الإهمال أو الخطأ الطبي. الممارسة الطبية الصحيحة المصحوبة بالتوثيق الكامل والصحيح تحمي الطبيب.
هناك مثل ألماني سوف تسمعه بالتأكيد حين تعمل في ألمانيا. يقول المثل: من يكتب يسلَم!
ولماذا تعتبر هذه الناحية إذاً من سلبيات العمل في ألمانيا؟
المشكلة هي الوقت الطويل الذي يحتاج إليه الطبيب في أعمال التوثيق والكتابة يومياً. حسب ما شاهدنا في إحصائيات رابطة ماربورغ أعلاه فإن أكثر من نصف الأطباء يعملون لمدة 3 ساعات أو أكثر في اليوم الواحد على المهام الإدارية.
هذا يعني أنك ستقضي هذه الفترة بعيداً عن العمل الطبي الحقيقي وبعيداً عن المرضى، وبعيداً عن التدريب التخصصي الحقيقي! فقط على الكمبيوتر أو مع الملفات في الكتابة والتوثيق أو ربما على الهاتف.
بالنسبة لموضوع التوثيق فهو موجود ومهم جداً في كل مكان، لحمايتك ولضمان حق مريضك. وأنا لم أبالغ على الإطلاق في هذه الفقرة!
الفروق الثقافية بين الشرق والغرب معروفة للجميع. سأركز هنا على بعض المصاعب والسلبيات التي تخص الطبيب فيما يتعلق بالحياة الاجتماعية والثقافية والدينية، والتي قد تؤثر على تأقلم الطبيب مع الحياة والعمل في ألمانيا، وخصوصاً على المدى الطويل.
لكل شعب في هذا العالم طباع وعادات معينة إيجابية وسلبية. يؤدي عدم فهم هذه الطباع إلى سوء التفاهم والصدامات في مكان العمل. سأذكر بعض هذه الطباع التي قد تهم الطبيب بشكل مباشر. هذه ليست قواعد ثابتة ولكنها تنطبق على نسبة كبيرة من الشعب الألماني.
الطبع الأول هو الصراحة الشديدة والانتقاد المباشر. هذه الصفة هي من أكثر الصفات إزعاجاً للأطباء الأجانب. حين يقوم الطبيب بخطأ ما أو ينسى شيئاً ما في العمل ففي كثير من الأحيان ستكون هناك انتقادات قاسية، وقد تكون مزعجة!
فالألمان على سبيل المثال لا يقومون بالتمهيد للحديث أو اتباع أسلوب لطيف في الانتقاد أو التلميح بشكل غير مباشر، وإنما يعبرون عن ذلك بصراحة وبدون مقدمات، وأحياناً أمام الآخرين، الأمر الذي قد يتسبب بإزعاج كبير للطبيب.
الطبع الثاني هو التقديس الشديد للعمل والمسؤوليات. العمل بالنسبة للشعب الألماني هو الأمر الأهم في الحياة، والألمان إجمالاً يتقنون عملهم بشكل لا يصدق. كل من لا يتقن عمله أو لا يقوم به بشكل مثالي سيتعرض للوم والانتقاد!
الصفة الثالثة هي الاحترام التام للنظام والقوانين. حين تعيش في ألمانيا فعليك أن تحترم جميع القوانين والأنظمة والقواعد المتبعة في مكان العمل، حتى لو كانت بعض القواعد بالنسبة لك غير منطقية أو غير مهمة. لقد تم وضع الأنظمة حتى يتم الالتزام بها!
الصفة الرابعة هي رسم حدود للعلاقات الشخصية. الشعب الألماني ليست لديه عفوية الشعب الإيطالي أو طيبة الشعب الإسباني أو انفتاح الشعب الأمريكي. هناك دائماً رسمية في التعامل قد تدوم لفترة طويلة قبل ذوبان الجليد.
هذه الطباع والصفات تؤدي في البداية إلى صعوبة كبيرة في تأقلم الطبيب مع المجتمع وفهم تصرفات الناس مما يعرضه للكثير من المواقف المحرجة. وفي معظم الأحيان يُفهم ذلك على أنه عنصرية، في حين أنه سلوك طبيعي يتغير مع الزمن والتآلف بين الطرفين.
هناك كذلك الكثير من الصفات الإيجابية والجيدة في الشعب الألماني، على سبيل المثال الالتزام بالمواعيد، والوفاء بالوعد، والاجتهاد في تقديم المساعدة عند الطلب، والصدق في التعامل.
السؤال الذي يطرح نفسه دائماً: هل هناك عنصرية في ألمانيا؟ سأجيب على هذا السؤال بسؤال: هل هناك عنصرية في بلدك؟ أي شعب في أي بلد يمكن أن يبدي نوعاً من التعصب لأبناء بلده والتحيز ضد الأجانب، أو ربما ضد مجموعات معينة في بلده نفسها.
هذا الأمر هو ارتكاس دفاعي طبيعي تجاه الغرباء الذين لديهم لغة مختلفة، عادات مختلفة، ثقافة مختلفة، ديانة مختلفة. الغياب التام للعنصرية هي فكرة نظرية مثالية يمكن أن نشاهدها في جمهورية أفلاطون، ولكنها من الصعب أن تتحقق في الحياة الواقعية.
من الطبيعي إذاً وجود نوع من الحذر تجاه الطبيب الأجنبي حين يبدأ العمل في أي قسم. بعد أن يثبت الطبيب نفسه ويكسب ود الآخرين وثقتهم فسوف يتعامل الجميع معه بحب واحترام، تماماً كما يتعاملون مع الطبيب الألماني.
نفس الأمر ينطبق على المرضى. ربما ينظر المريض إليك في البداية بعين الشك كطبيب أجنبي. ولكن حين تستمع إليه باهتمام وتهتم بمشكلته وتكون معه مرحاً ومنفتحاً فسوف تتمكن من كسب ثقته مباشرة، بل سيقوم لاحقاً بطلبك بشكل شخصي.
التصرفات العنصرية الصريحة هي جرم يحاسب عليه القانون إذا تم إثباتها. جميع الناس في ألمانيا متساوون في إطار القانون. وأي طبيب يتعرض لأي موقف مثبت يمكنه مقاضاة الطرف المسبب.
على الرغم من ذلك يبقى الطبيب الأجنبي معرضاً للتمييز بشكل أو بآخر، مثلاً أن يرفض المريض الحديث معه ويطلب طبيباً ألمانياً، أو أن يتعرض الطبيب لمضايقات متعمدة من بعض أفراد الطاقم الطبي، أو أن يتم إهماله من قبل المشرفين على التدريب وإعطاء الأفضلية للزملاء الألمان في القسم.
البعض يدعو مثل هذه التصرفات بمصطلح "العنصرية المبطنة". وهي أن يتم التعامل مع الطبيب بشكل طبيعي ظاهرياً ولكن القيام بتصرفات معينة تجاهه لا يتعرض لها الطبيب الألماني في نفس القسم.
هل هذا الأمر شائع؟ الموضوع يتفاوت بشكل كبير جداً من قسم لآخر، من ولاية لأخرى، من منطقة لأخرى، وحتى من تخصص لآخر. بعض الأطباء لم يتعرضوا لمثل هذه المواقف، البعض الآخر تعرض لها لعدة مرات.
سواءً أكان الطبيب عازباً أو متزوجاً ويعيش مع زوجته وأولاده، فهو عادة سيترك بقية عائلته وراءه في بلده. والقليل من الأطباء تتاح له الفرصة لاحقاً لإحضار والديه أو أفراد آخرين من عائلته.
لذلك فإن الشعور بالغربة هو مشكلة كبيرة في ألمانيا. سوف تفتقد التواصل الاجتماعي الذي تعودت عليه في بلدك، فلا توجد اجتماعات عائلية، ولا توجد سهرات يومية مع الأصدقاء أو الجيران. ضغط العمل والتعب بعد انتهاء يوم العمل يعيقك عن ذلك أيضاً.
من الصعب بناء علاقات اجتماعية وثيقة مع الألمان. حاجز اللغة يلعب دوراً كبيراً في ذلك حتى في المراحل المتقدمة. وزميلك في العمل لن يكون صديقاً لك في الحياة العادية كما هو الحال في بلدك. ونادراً ما ستكون هناك نشاطات مشتركة على فترات متباعدة.
فضلاً عن ذلك فإن الألمان إجمالاً لا يحبذون الاحتكاك بالغرباء. قد تعيش في بناء يحتوي على عشرين شقة لسنوات بدون أن تعرف أسماء جيرانك! وتقتصر العلاقة بينكم على "صباح الخير" أو "مساء الخير" حين تلتقون بشكل عابر على سلم البناء أو المدخل.
من ناحية أخرى فإن الملاذ الوحيد لك ربما يكون بناء علاقات مع الجالية العربية الموجودة في مدينتك. لحسن الحظ فإن معظم المدن الألمانية فيها عدد كبير من العرب. بسبب ضغط العمل وضيق الوقت قد يكون ذلك أيضاً صعب المنال.
نقطة أخرى هي أن ألمانيا تنام مبكراً. تتوقف الحركة في المدن والبلدات الصغيرة في السادسة أو السابعة مساءً. في المدن المتوسطة يغلق كل شيء تقريباً في التاسعة. قد يكون الوضع أفضل بقليل في المدن الرئيسية الكبرى.
فضلاً عن ذلك فإن النهار القصير في فترة الشتاء يزيد من كآبة الوضع، حيث تغرب الشمس في ذروة الشتاء حوالي الرابعة مساءً ليحل الظلام بعد ذلك، يكون الليل طويلاً لفترة ثلاثة أشهر تقريباً.
الكثير من الأطباء الذين كانوا معتادين على الحياة الصاخبة في بلادهم تحدث لديهم حالة من الاكتئاب في ألمانيا بسبب هذه النقطة بالذات. والكثير من الأطباء العرب وحتى الأجانب غادروا ألمانيا لعدم قدرتهم على التأقلم مع هذا النظام الاجتماعي.
تسود في ألمانيا حرية المعتقد الديني، فلكل شخص الحق في اعتناق وممارسة الدين الذي يقتنع به في إطار القانون الألماني، وطالما لا يسيء ذلك للآخرين أو يتعارض مع قيامه بواجباته واحترام غيره.
والشعب الألماني يحترم الأديان والمعتقدات الأخرى بشكل كبير، وليست لديه أي مشكلة مع أي ديانة طالما كنت تتعامل معه بشكل راق وحضاري. بل إنهم عادة ما يظهرون احترامهم حين يعرفون أنك ملتزم بممارسة الشعائر الدينية كالصلاة والصيام.
تتوفر في كل مدينة في ألمانيا تقريباً مساجد صغيرة أو كبيرة بالإضافة إلى المتاجر الشرقية التي تبيع اللحوم الحلال المذبوحة على الطريقة الإسلامية والمطاعم التي تقدم المأكولات الشرقية.
على الرغم من هذه التسهيلات فهناك الكثير من الصعوبات التي يواجهها الطبيب المسلم والحريص على ممارسة الشعائر الدينية في حياته اليومية في ألمانيا.
نبدأ بموضوع الصلاة. يمكن للطبيب أداء الصلاة في غرفته في المستشفى إن كان الوقت يسمح بذلك، وقد يكون ذلك صعباً مع ضغط العمل. في الولايات الغربية قد يكون هناك مسجد صغير بداخل المستشفى نفسها، وذلك في بعض المستشفيات وليس جميعها.
الصعوبة الأبرز هي صلاة الجمعة. يوم الجمعة في ألمانيا هو يوم عمل رسمي، ومن الصعب للغاية مغادرة المستشفى لمجرد أداء صلاة الجمعة، إلا إذا كان المسجد بجانب المستشفى تماماً، حيث يمكنك أداة الصلاة في فترة الاستراحة عند الإمكان.
وبالتالي قد يكون من الصعب في معظم الأحيان المحافظة على أداء صلاة الجمعة، إلا إذا كانت لديك مناوبة يوم الخميس وحصلت على عطلة يوم الجمعة، أو إذا جاء يوم الجمعة ضمن أيام إجازتك السنوية، أو كان هناك مسجد في المستشفى وكانت طبيعة العمل تسمح بأداء الصلاة.
ماذا عن شهر رمضان المبارك؟ يمكنك الصيام بشرط أن تقوم بعملك على أكمل وجه وبدون التذرع بالعطش أو التعب. المناوبات الطويلة قد تكون بشكل خاص صعبة ومرهقة جداً، وقد لا تستطيع تناول السحور أو الإفطار على الوقت. وقد يتأثر أداؤك تحت ضغط العمل.
في السنوات الماضية كان النهار طويلاً جداً في ألمانيا وكان الصيام يستمر حتى العاشرة مساءً ولم يكن ذلك سهلاً. هذه الناحية تتحسن الآن تدريجياً مع انزياح شهر رمضان بشكل بطيء باتجاه الشتاء.
النقطة الأخرى المهمة هي فترات الأعياد. في حين أن العالم الإسلامي يعطل رسمياً في عيد الفطر وعيد الأضحى، فإن هذه الأيام هي أيام عمل رسمية في ألمانيا، حيث لا توجد عطل إسلامية.
ولذلك سوف تضطر لأخذ هذه الأيام كعطلة من إجازتك السنوية إن كان ذلك ممكناً. وإن لم تنسيق ذلك ممكناً في القسم لديك فسوف تضطر للعمل بشكل نظامي طوال فترة العيد، وبذلك لا تشعر ببهجة العيد على الإطلاق.
خاضت الشعوب الأوروبية الكثير من النزاعات ومرت بفترات طويلة من التغيير الاجتماعي إلى أن وصلت إلى مستوى التحرر الفكري الذي تفتخر فيه اليوم. جزء كبير من هذا التحرر يتعلق في الثقافة الأوروبية بحرية المرأة والمساواة مع الرجل.
نظرة الشعوب الأوروبية إلى الحجاب هي نظرة سلبية إجمالاً. هم يعتبرون بأن الحجاب هو رمز لقهر المرأة وأن المرأة ترتديه لأنها مجبرة على ذلك من قبل زوجها أو والدها أو أخيها أو معتقدها الديني، وأنها لا تستطيع اختيار ما تريده بحرية.
وهم لا يستطيعون أن يفهموا لماذا تحتاج المرأة إلى تغطية شعرها، كما لا يقتنعون بأن المرأة يمكن أن ترتدي الحجاب عن قناعة كاملة وبدون ضغط من أي جهة.
وهم يرون بأن الحجاب يقمع المرأة ويحد من حريتها، ويكسر قواعد المساواة بين الرجل والمرأة، ويعيق تواصلها مع الآخرين. الغالبية العظمى من الألمان لديهم هذه الأفكار من خلال نقاشي معهم حول هذا الموضوع.
فإذاً، ماذا عن عمل الطبيبة المحجبة في ألمانيا؟ هو ممكن، ولا توجد مثلاً قوانين تمنع ارتداء المرأة للحجاب في الشارع أو العمل. وحرية الأديان والممارسات الدينية تتيح هذا الحق لكل امرأة تعيش في ألمانيا.
ولكن ذلك ربما لا يخلو من المصاعب في بعض الأحيان. يتفاوت ذلك بشكل كبير من ولاية لأخرى ومن مدينة لأخرى حسب التركيبة السكانية فيها. هناك مشكلتان في هذا السياق.
المشكلة الأولى هي تقبل المرضى للطبيبة. في بعض المناطق الألمانية (وخصوصاً في الشرق) قد لا يتقبل الناس الطبيبة المحجبة ضمنياً، ولكن بدون أن تصدر عنهم تصرفات معينة. ربما يكتفون باستراق النظرات أو يكونون منغلقين قليلاً في الحديث معها.
فقط في حالات استثنائية جداً يمكن أن يصدر ارتكاس حقيقي عن المريض، مثلاً أن يرفض الحديث مع الطبيبة ويطلب طبيباً آخر، أو في حالات نادرة جداً أن يسيء إليها أو ينتقدها علناً.
كنتيجة لذلك تأتي المشكلة الثانية، وهي صعوبة العثور على عمل. رؤساء الأقسام هم عادة أشخاص منفتحون وليست لديهم حواجز دينية أو عرقية، ولكنهم يخشون من عدم تقبل المرضى للطبيبة وحصول مشاكل بسبب ذلك، ولذلك يعتذرون عن توظيف الطبيبة المحجبة.
وكما ذكرت فإن الوضع في بعض الولايات والمدن الغربية أفضل بكثير فيما يتعلق بهذه الناحية. على سبيل المثال يكون هناك تنوع ديموغرافي كبير في المدن الكبيرة مما يجعل تقبل الأطباء ذوي الخلفيات المتنوعة أمراً طبيعياً. كما أن الموضوع يكون أكثر سهولة في التخصصات التي ليس فيها تماس مباشر مع المرضى.
في النهاية حين تثبت الطبيبة نفسها من خلال لغتها الجيدة وشخصيتها القوية وإتقانها لعملها فستفرض احترامها على الجميع. هناك مئات الطبيبات المحجبات اللواتي يعملن في ألمانيا اليوم. على الرغم من ذلك قد تتوقع الطبيبة بعض المواقف المزعجة من حين لآخر.
نرحب بكم في الفقرة الأخيرة من هذه المقالة!
يلعب المجتمع والبيئة المحيطة دوراً كبيراً في تنشئة الأولاد وتربيتهم. حين تعيش في بلادك فإن أولادك سيدرسون في مدارس عربية تسيطر عليها الثقافة الشرقية وسيكبرون مع أولاد من نفس ثقافتهم. يشمل ذلك المدرسة والشارع والجيران والأقارب وكل مناحي الحياة.
أما في ألمانيا فهذا الجزء مفقود بشكل كامل. يدرس الأولاد في المدارس الألمانية مع الطلاب الألمان، وبطبيعة الحال الطلاب الأجانب الآخرين أيضاً. يتم تدريسهم من قبل مدرسين ألمان، والثقافة المسيطرة هي الثقافة الألمانية والغربية.
يتشبع الطفل هذه الثقافة من خلال الحضانة والمدرسة والبيئة التي يعيش فيها، ومن خلال أصدقائه الذين يقضي معهم معظم وقته في المدرسة، وربما يقوم معهم بنشاطات أخرى بعد المدرسة، وما يسمعه ويشاهده في المدرسة والشارع ووسائل الإعلام.
لا شك بأن هذه الثقافة فيها الكثير من الإيجابيات مثل تعزيز قيمة الإنسان واحترام الآخرين وقيم الحرية والاعتماد على النفس والالتزام بالنظام والقوانين. معظم اليافعين والشباب الصغار في ألمانيا لديهم شخصية جميلة وقوية ونضج كبير وانفتاح على المحيط.
في الوقت نفسه تصطدم العائلات الشرقية بالكثير من الأمور التي تعتبر اليوم طبيعية في الثقافة الغربية ولكنها تتناقض مع الثقافة الشرقية، مثل التجرد الديني والحرية الجنسية والتفكك الأسري حتى الاستقلال المبكر عن الوالدين.
تتوفر في معظم المدن الألمانية مدارس محلية لتدريس اللغة العربية والديانة الإسلامية والقرآن الكريم. وهي تقوم بنشاطها عادة في عطلة نهاية الأسبوع. وتساهم في توجيه الأطفال باتجاه الثقافة الشرقية وزرع القيم الأخلاقية الإسلامية. ولكن لا توجد مدارس يومية عربية.
على الرغم من ذلك يبقى تأثير المجتمع والبيئة كبيراً جداً. وليس من السهل على الإطلاق توجيه الطفل بالاتجاه الذي يرغب به الوالدان. يحتاج ذلك إلى تكريس وقت كبير للطفل في المنزل، وهو كذلك ليس بالأمر الهيّن حين يكون الأب والأم كلاهما في العمل.
كما أن الطفل سيفقد الشعور بالكثير من الأمور المهمة في الثقافة الشرقية، مثل الاجتماعات العائلية وأهمية صلة الرحم. وحياة الطفل في العالم الغربي المادي تجعله يفقد الشعور بقيمة المزايا والنّعم التي يتمتع بها، والتي تصبح منذ صغره جزءاً بديهياً من الحياة.
أما من الناحية الدينية فإن الطفل لن يشعر بقيمة الشعائر الإسلامية نظراً لأن عليه أن يذهب إلى المدرسة في يوم الجمعة، وكذلك في أيام الأعياد الإسلامية (إن لم تقع بالمصادفة في فترة عطلة المدرسة). في الواقع سيشعر أكثر ببهجة الأعياد الغربية مثل أعياد الميلاد ورأس السنة وعيد الهالوين حيث تعم الاحتفالات البلاد.
أخيراً فإن هناك قواعد معينة لتربية الأطفال في ألمانيا يجب الالتزام بها، حيث يعتبر العنف الجسدي أو اللفظي ممنوعاً على سبيل المثال، وعند المخالفة يحق للسلطات سحب حضانة الأطفال من الوالدين. للتوسع أكثر في هذا الموضوع يمكنكم مشاهدة فيديو الأستاذ محمد شحاته على اليوتيوب (الرابط في فقرة المصادر أدناه).
تحدثنا في هذا الموضوع بشكل مجمل عن سلبيات التخصص والعمل في ألمانيا من وجهة نظر الأطباء العرب وما يمكن للطبيب أن يصادفه من مصاعب وعقبات ومشاكل خلال رحلته أثناء التخصص وعلى المدى الطويل.
كتلخيص للموضوع يمكننا إجمال سلبيات التخصص والعمل في ألمانيا التي ذكرت في هذه المقالة بالنقاط العشرين التالية:
إذا كانت لديكم المزيد من التساؤلات حول هذا الموضوع فيمكنكم طرحها على صفحات التواصل الاجتماعي. إذا كان لديكم أي تصحيح أو تحديث للمعلومات المذكورة في هذه المقالة فنرجو التواصل معنا مباشرة.