1. الرئيسية
  2. المقالات
  3. نظام التخصص في ألمانيا
  4. الخيارات المتاحة بعد إنهاء التخصص

الخيارات المختلفة المتاحة للأطباء بعد إنهاء التخصص في ألمانيا

بواسطة: د. فراس الصفدي
آخر تحديث: 2023.08.01

فإذاً ألف مبروك: أنهيتَ تخصص أحلامك في ألمانيا وحصلتَ على شهادة التخصص. وماذا بعد ذلك؟ ما هي الفرص المتاحة لك وما الذي يمكنك أن تفعله؟ سيكون ذلك موضوع هذه المقالة.

في هذه المقالة سنتحدث عن الخيارات المختلفة المتاحة أمام الطبيب حين ينهي تخصصه في ألمانيا ويحصل على شهادة الاختصاص، وكيف يمكن له أن يخطط للمراحل اللاحقة.

من الحكمة أن تفكر بهذه الأمور قبل التخطيط للسفر حتى تعرف ما هي الفرص التي يمكن أن تتوفر أمامك على المدى الطويل وما هي الأبواب التي يمكن أن تفتح أمامك حين تحصل على شهادة التخصص من ألمانيا، والأهم من ذلك حتى تحدد فيما إذا كان طريق ألمانيا مناسباً لك أم لا.

الخيارات المتوفرة بعد إنهاء التخصص في ألمانيا
تتوفر أمام الطبيب الكثير من الخيارات المستقبلية بعد إنهاء التخصص في ألمانيا، ولكل من هذه الخيارات مزايا ومساوئ معينة.
Image credit: freepik license

الخيارات المتاحة بعد إنهاء التخصص: المحتويات

مساحة إعلانية

نسرين طبيبة عربية وصلت إلى ألمانيا منذ ست سنوات وتجاوزت كل الامتحانات. واليوم أصبحت نسرين طبيبة اختصاصية في التخدير (Fachärztin für Anästhesie)بعد أن أتمت فترة الاختصاص البالغة خمس سنوات في إحدى المستشفيات.

فإذاً نسرين تمتلك اليوم شهادة الفاخ أرتز في التخدير وهي تدرس الخيارات المتوفرة لديها للمستقبل. سنرى كيف ستتصرف نسرين في كل من هذه الخيارات.

الخيارات المتاحة أمام الطبيب
نسرين طبيبة حصلت مؤخراً على التخصص في مجال التخدير، وهي الآن تدرس الخيارات المتاحة أمامها.
Image credit: freepik license

متابعة تسلق السلم الوظيفي

التسلسل المنطقي في ألمانيا هو التسلسل المعروف للأطباء: الطبيب المقيم أو المساعد، ثم الطبيب الاختصاصي، ثم الطبيب الاستشاري، والذي يمكنه بعد ذلك أن يصل إلى المناصب القيادية. بالمناسبة، تحدثنا بتفصيل كبير عن الدرجات الوظيفية للأطباء في ألمانيا في مقالة منفصلة.

الخيار الأول المتوفر أمام نسرين هو الحصول على عقد عمل كطبيبة اختصاصية في المستشفى التي تعمل بها. يتوقف ذلك بطبيعة الحال على حاجة المستشفى للأطباء الاختصاصيين.

إذا لم تكن هناك حاجة حالياً فيجب على نسرين في هذه الحالة البحث عن فرصة عمل في مستشفى آخر. أما إذا أظهرت المستشفى استعدادها فيمكن لنسرين في هذه الحالة إبرام عقد جديد كطبيبة اختصاصية بالتخدير.

يحتاج تغيير الصفة الوظيفية للطبيب إلى إبرام عقد جديد مع المستشفى

ما هي المزايا بالنسبة لنسرين في هذه الحالة؟ طبعاً سوف تتابع عملها في نفس المجال، وستصبح قادرة على تسلم المزيد من المسؤوليات في مجالها.

وخلال ذلك يمكنها أن تزيد خبرتها ومعرفتها في مجال تخصصها، وأن تتقن الكثير من المهارات التي كانت تجريها فقط تحت الإشراف خلال فترة التخصص.

وهي الآن كطبيبة اختصاصية سوف تصبح مسؤولة بشكل مباشر عن عملها مع المرضى، فقد أصبحت لديها شهادة تخصص. ولم تعد مجبرة على العمل تحت الإشراف كما كانت خلال فترة التخصص. ويمكنها عند الحاجة طلب المساعدة من زملائها الاستشاريين.

التقدم الوظيفي لطبيب التخدير
هناك الكثير من المجالات للتطوير الذاتي في أي تخصص. على سبيل المثال يطور أطباء التخدير أنفسهم حتى يصبحوا قادرين على إجراء التخدير في العمليات المتقدمة مثل عمليات القلب والدماغ وزرع الأعضاء.
Image credit: freepik license

إذا تمكنت نسرين من إثبات نفسها في المستشفى وزيادة خبرتها بشكل كبير فيمكن لها أيضاً أن تستمر بصعود السلم الوظيفي وتصبح طبيبة استشارية في التخدير (Oberärztin für Anästhesie).

وبشكل مشابه فإن ذلك يحتاج إلى توفر فرصة عمل في المستشفى التي تعمل بها، بالإضافة إلى موافقة رئيس القسم وإدارة المستشفى على ترقيتها من طبيبة اختصاصية إلى استشارية.

وإلا فإن الخيار الآخر المتوفر لديها هو أن تبحث عن وظيفة كطبيبة استشارية في مستشفى آخر. تحدثنا بالتفصيل عن كيفية الانتقال من مرحلة الطبيب الاختصاصي إلى الطبيب الاستشاري في مقالة الدرجات الوظيفية للأطباء.

بوجود الفرصة المناسبة يمكن للطبيب أن يصبح استشارياً بعد فترة قصيرة من حصوله على شهادة التخصص

بعد بضع سنوات من العمل كطبيبة استشارية في القسم سنحت لنسرين فرصة ذهبية. حصل رئيس الأطباء في القسم على عرض عمل كرئيس قسم (شيف) في مستشفى آخر وقدم استقالته، وهكذا أصبح منصب رئيس الأطباء شاغراً.

تلقت نسرين عرضاً بأن تصبح رئيسة الأطباء (leitende Oberärztin)في هذا القسم، فهي تعمل هنا منذ سنوات طويلة والجميع يشهد بخبرتها وحكمتها في الأمور الإدارية.

وهكذا من خلال توفر المعرفة العلمية والعملية تمكنت نسرين من أن تصبح رئيسة للأطباء في هذا القسم. ولكن هل يمكن أن تصبح نسرين رئيسة للقسم؟ ربما، بعد عدة سنوات من العمل كرئيسة للأطباء وبعد تحسين خبرتها ومؤهلاتها لأكثر من ذلك.

هل من الشائع أن يبقى الطبيب في نفس المستشفى؟

يعتبر هذا السيناريو غير شائع عموماً في ألمانيا، فمن غير المألوف أن يبقى الطبيب في نفس المستشفى طوال حياته المهنية. ومعظم الأطباء -الألمان منهم والأجانب- يغيرون مكان العمل لعدة مرات خلال مسيرتهم.

البعض من الأطباء يقومون بإجراء فترة التخصص في نفس المستشفى، والبعض يغيرون المستشفى حتى خلال فترة التخصص. والخطوة الأشيع للتغيير هي عادة الحصول على أول عمل كطبيب استشاري، حيث يضطر معظم الأطباء للانتقال إلى مستشفى جديد يحتاج إلى أطباء استشاريين.

كما يمكن الانتقال من مستشفى بمستوى معين إلى مستشفى بمستوى آخر، مثلاً من مستشفى متوسط إلى مستشفى جامعي، أو ربما بالعكس من مستشفى جامعي إلى مستشفى صغير. الموضوع متعلق دائماً بالرغبة الشخصية وبالعرض والطلب وتوفر فرص العمل.

مزايا ومساوئ المتابعة في المستشفيات الألمانية

الميزة الرئيسية لهذا الطريق هي أن الطبيب يتعمق أكثر في مجال تخصصه وتزداد خبرته بشكل كبير. وهو يضمن للطبيب دخلاً مادياً جيداً بالإضافة إلى الشعور بالاستقرار إذا حصل على عقد عمل دائم في المستشفى.

أما السيئة الرئيسية فهي بطبيعة الحال ضغط العمل الكبير الذي سيستمر مدى الحياة. فالعمل في المستشفيات الألمانية ليس سهلاً وفيه الكثير من الإجهاد. بالإضافة إلى الحاجة لإجراء المناوبات الليلية مدى الحياة في الكثير من التخصصات السريرية.

من ناحية أخرى فإن الطبيب قد يصبح طبيباً استشارياً ويبقى في مكانه بدون أن يحرز أي تقدم آخر باستثناء زيادة خبرته فاستلام المناصب القيادية ليس سهلاً، وخصوصاً على الأجانب، حيث يحتاج إلى مؤهلات جيدة وقدرات إدارية، أو فرصة ذهبية غير متوقعة!

ومعظم الأطباء في المستشفيات (حتى الألمان منهم) يبقون في منصب الطبيب الاستشاري حتى التقاعد بدون أن يتولوا مناصب قيادية.

العمل في نفس المجال وإجراء تخصص فرعي

يعتبر هذا الخيار امتداداً للخيار السابق. كيف ذلك؟ يتابع الطبيب العمل في نفس المجال كطبيب اختصاصي، وفي الوقت نفسه يمكنه إجراء تخصص فرعي إن كانت الفرصة متاحة في المستشفى.

فإذاً في السيناريو الأول استمرت نسرين بالعمل كطبيبة اختصاصية بالتخدير بدون أن تقوم بإجراء تخصصات أخرى. هذا الأمر يقلص من احتمالات الارتقاء الوظيفي نظراً لأن مؤهل طبيب اختصاصي لوحده لا يكفي عادة للوصول إلى مناصب قيادية.

ولكن نسرين كانت تفكر بذلك مسبقاً وتخطط لأن تتولى في المستقبل مناصب قيادية. ولتحقيق هذه الغاية فقد قررت نسرين الاستمرار بالعمل في نفس المستشفى وإجراء تخصص فرعي في نفس الوقت.

تخصص العناية المركزة
يعتبر تخصص العناية المركزة من التخصصات الجذابة والمطلوبة في مختلف أنحاء العالم. ويمكن الحصول على هذا المؤهل كتخصص فرعي بعد التخدير أو حتى بعد تخصصات أخرى.
Image credit: freepik license

خلال عمل نسرين في وحدة العناية المركزة (Intensivstation)أو اختصاراً ITSاهتمت نسرين بهذا المجال بشكل كبير، حيث وجدته مثيراً للاهتمام وفيه تحديات وقرارات علاجية مهمة. قررت نسرين إجراء اختصاص فرعي في هذا المجال.

تبلغ فترة التدريب في تخصص طب العناية المركزة (Intensivmedizin)سنتين. كانت نسرين قد أتمت سنة كاملة من التدريب في العناية المركزة خلال فترة الاختصاص الأساسية التي قضتها في مجال التخدير، والتي تبلغ خمس سنوات.

وبالتالي –وبما أنها الآن طبيبة اختصاصية في التخدير– فيكفيها أن تقوم بالعمل لمدة سنة أخرى في العناية المركزة وأن تكمل الإجراءات اللازمة.

تخصص العناية المركزة

حتى يصبح الطبيب اختصاصياً في مجال العناية المركزة فيجب أولاً أن تتوفر لديه شهادة اختصاص في مجال آخر، مثلاً أن يكون طبيباً اختصاصياً بالتخدير أو الجراحة العصبية أو الأطفال أو الجراحة. ويدعى هذا المفهوم بالتخصص الإضافي في ألمانيا الذي تحدثنا عنه بالتفصيل في مقالة أخرى.

وكما نرى لا يشترط أن يكون تخصصه هو التخدير بالذات، بل يمكن أيضاً لتخصصات أخرى أن تدخل في مجال العناية المركزة وتعمل فيه. ويتحدد ذلك من خلال قانون التخصص في كل ولاية ألمانية.

ويشترط عادة أن يعمل الطبيب تحت التدريب لمدة إجمالية قدرها سنتين في قسم العناية المركزة (سواءً أثناء إجراء تخصصه الأساسي أو بعد ذلك)، طبعاً بالإضافة إلى إتمام الإجراءات اللازمة.

إذا رغبت يمكنك الاطلاع على اللوغ بوخ الخاص بتخصص العناية المشددة من الموقع الإلكتروني لنقابة الأطباء المركزية. وضعنا الرابط في أسفل الصفحة مع المصادر. كما تجد المزيد من المعلومات حول سير التخصص الطبي في ألمانيا في مقالة أخرى.

خلال هذه الفترة قامت نسرين بمناوباتها الليلية بشكل نظامي كطبيبة اختصاصية في التخدير. فهي لا تزال تعمل في نفس القسم، وتحصل على راتبها كطبيبة اختصاصية، بالإضافة إلى أجر المناوبات الإضافية.

بعد إنهاء فترة التدريب والإجراءات اللازمة وتقديم الأوراق إلى النقابة واجتياز الامتحان، تمكنت نسرين من الحصول على شهادة تخصص إضافي في العناية المركزة (Zusatzbezeichnung Intensivmedizin).

وهكذا حصلت نسرين على تخصص آخر أثناء عملها في تخصصها النظامي.

مزايا ومساوئ إجراء تخصص فرعي

شخصياً لا أجد أي سلبيات لإجراء التخصص الفرعي أو الإضافي طالما كان في نفس مجال التخصص الأساسي. والتخصص الفرعي هو أولاً شهادة إضافية للطبيب يعزز بها مكانته العلمية، بالإضافة إلى خبرة إضافية في مجال قريب من مجاله يستثمرها في علاج المرضى.

ووجود التخصصات الفرعية لدى الطبيب يساعده بشكل كبير على الارتقاء الوظيفي، مثلاً الانتقال من طبيب اختصاصي إلى طبيب استشاري، وهو في كثير من الأحيان ضروري للوصول إلى المناصب القيادية.

المشكلة الرئيسية هنا هي أن إمكانية إجراء التخصص الفرعي غير متوفرة في جميع المستشفيات كما هو الحال في التدريب التخصصي الأساسي. ولذلك كثيراً ما يتوجب على الطبيب الانتقال إلى مستشفى آخر في مدينة أخرى حيث يوجد التخصص الفرعي الذي يريده.

مساحة إعلانية

تغيير الاختصاص إلى تخصص آخر

الآن سنأخذ سيناريو جديد. لنقل بأن نسرين خلال عملها في مجال التخدير ومشاهدتها للعمليات الجراحية أحبت مجال جراحة العظام ورغبت بتغيير اختصاصها بشكل كامل بعد أن أصبحت طبيبة اختصاصية في التخدير. فهل هذا ممكن؟

نعم ممكن!

يمكن للطبيب في ألمانيا بسهولة تغيير تخصصه إلى مجال آخر. كيف ذلك؟ ببساطة من خلال العثور على فرصة تدريب في المجال الذي يرغب به وتوقيع عقد عمل جديد يتيح له العمل والتخصص في هذا المجال المختلف.

البدء باختصاص مختلف بعد إنهاء الاختصاص الأول هو أمر ليس بالنادر على الإطلاق بين الأطباء الألمان

فإذاً ماذا فعلت نسرين في هذه الحالة؟ سألت رئيس قسم جراحة العظام في المستشفى عن إمكانية التخصص لديه، فأخبرها بأن القسم بحاجة حالياً لأطباء. تقدمت نسرين بطلب توظيف نظامي (Bewerbung)،وبعد المقابلة (Vorstellungsgespräch)حصلت على عقد العمل.

في هذه الحالة تتعامل المستشفى مع نسرين كطبيبة اختصاصية وليس كطبيبة حديثة التخرج. ماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أن المستشفى قد تعاقدت مع نسرين كطبيبة اختصاصية تحت التدريب في مجال جراحة العظام.

وماذا يعني ذلك من الناحية العملية؟ هذا يعني ببساطة أن نسرين ستحصل في هذه الحالة على مرتبها كطبيبة اختصاصية وليس كطبيبة مقيمة، وتحصل في الوقت نفسه على التدريب في مجال جراحة العظام.

بطبيعة الحال لم يعد لنسرين في هذه الحالة أي علاقة بقسم التخدير باستثناء تبادل التحيات في العمليات، وذلك لأن عقد العمل الخاص بها يتيح لها العمل فقط في قسم جراحة العظام، حيث يجب أن تحصل الآن على تدريبها الاختصاصي الجديد.

هل يمكنني أن أعمل في تخصص مختلف في ألمانيا؟

الكثير من الزملاء يجدون بعض الحرج من التقدم لوظيفة مختلفة عن مجال عملهم السابق خارج ألمانيا. يكون الطبيب قد عمل سابقاً في التخدير، والآن يريد التقدم لوظيفة في مجال الجراحة. فهل يعتبر ذلك مشكلة؟

في الواقع لا يوجد أي حرج من ذلك. هذا الأمر طبيعي جداً وشائع في ألمانيا، ولا يتم التدقيق على هذه الناحية من قبل رؤساء الأقسام نظراً لأنهم يصادفون مثل هذه الحالات. أعرف شخصياً أطباء ألمان قاموا بذلك!

ومن الطبيعي أن يسأل رئيس القسم في المقابلة عن هذه النقطة وعن سبب تغيير مجال العمل الآن، ولكن عادة ما يكون ذلك من قبيل الفضول لا أكثر، ولا يعني أن طلب التوظيف سوف يتم رفضه.

هل ستقوم نسرين في هذه الحالة بإجراء كامل فترة التخصص في جراحة العظام، والتي تبلغ ست سنوات؟ في الواقع لا. يمكن احتساب جزء من سنوات التدريب التي حصلت عليها في التخدير ضمن اختصاص جراحة العظام. كيف ذلك؟

بعد مراسلة نقابة الأطباء –وهي الجهة المسؤولة عن التخصص في الولاية– قامت النقابة باحتساب جزء من التدريب الذي حصلت عليه نسرين في السابق.

وهكذا تم الاعتراف بفترة سنة ونصف من التدريب في مجال التخدير كتدريب معترف به من ضمن جراحة العظام. ولا يزال يتوجب على نسرين إتمام أربع سنوات ونصف لتصبح اختصاصية في مجال العظام. شرحت هذه الفكرة أكثر في المقالة المفصلة حول تجميع سنوات التخصص في ألمانيا.

نسرين اكتشفت متأخرة أنها لا تحب التخدير. ولكن ليس لديها مشكلة في ذلك طالما أنها ستعمل في المجال الذي تحبه، ولن يؤثر ذلك على الدخل المادي الذي تحصل عليه نظراً لأنها مرتبها سيستمر كطبيبة اختصاصية.

النظام الألماني جميل، أليس كذلك؟

مزايا ومساوئ تغيير الاختصاص

يكون تغيير الاختصاص خطوة جيدة حين لا يكون الطبيب راضياً عن تخصصه الأساسي. ينهي الطيب التخصص، ويشعر بأنه لا يحبه تماماً ويريد العمل في مجال آخر.

السيناريو الذي ذكرته لكم أعلاه صادفته عدة مرات لدى أطباء ألمان: الدخول في مجال آخر مختلف كلياً بعد انتهاء التخصص الأول. والطبيب الألماني ليست لديه مشكلة في ذلك لأنه بجميع الأحوال يعمل ويكتسب خبرة ويحصل على مرتب جيد.

فهو ليس مضطراً مثلاً لإنهاء تخصصه سريعاً حتى يفتتح عيادة خاصة أو يحصل على دخل جيد، فهو يحصل أصلاً على دخل جيد وليست لديه مشكلة إن كان هذا الدخل في تخصص معين أو في تخصص آخر.

تغيير الطبيب للتخصص في ألمانيا
تعتبر الراحة النفسية في مجال التخصص ومكان العمل من أهم الأولويات لدى الأطباء الألمان. ولا مشكلة لدى الطبيب الألماني من تغيير التخصص بشكل كامل إن لم مرتاحاً فيه.
Image credit: freepik license

السيئة الرئيسية بالنسبة لهذا الخيار هي بطبيعة الحال الوقت الضائع، حيث يمكن للطبيب أن يضيع أربع سنوات إضافية أو أكثر حتى إنهاء التخصص الجديد.

وخلال هذه الفترة سيكون أيضاً قد ضحى بكل المعرفة والخبرة التي حصل عليها في التخصص الأول. وسيحتاج إلى الدراسة مجدداً للحصول على المعلومات اللازمة في التخصص الجديد حتى إتقانه.

وهذا يعني أيضاً أنه سيتأخر في الارتقاء في السلم الوظيفي والوصول إلى مناصب متقدمة، على الرغم من أن وجود اختصاصين معاً في هذه الحالة يمكن أن يدعمه بشكل كبير في الوصول إلى المناصب القيادية.

الاستقلال في عيادة خاصة

طالما أنك حصلتَ على شهادة الاختصاص وكان اختصاصك مناسباً للعمل خارج المستشفى، فعندها يسمح لك بالعمل في عيادة خاصة (Privatpraxis).وهو خيار جذاب أيضاً في كثير من الاختصاصات.

تعرف عملية الانتقال من العمل في المستشفيات إلى العمل في عيادة خاصة باسم Niederlassung.ويترجم هذا المصطلح حرفياً إلى كلمة "الاستقرار"، ويعني هنا طبعاً استقرار الطبيب في العيادة.

أما الطبيب نفسه فيوصف في هذه الحالة على أنه niedergelassener Arztأي طبيب مستقر ومستقل في عيادة.

وتعتبر ميزة العيادة الخاصة في أنك تصبح رب العمل وتحدد أوقات العمل والدوام بما يناسبك. وتستغني بطبيعة الحال عن المناوبات الليلية والعمل في أيام العطل والأعياد.

على الرغم من ذلك لا يمكنك أن تفتتح عيادتك حيثما تشاء ووقتما تشاء، فهناك الكثير من القيود التي تفرضها الهيئات المنظمة لعمل العيادات بحيث يتوزع الأطباء جغرافياً بشكل متناسق ويغطون أوقات العمل بأفضل شكل ممكن.

أوقات دوام أطباء الأسرة في ألمانيا
معظم عيادات الأطباء العامين في ألمانيا تفتح صباحاً بشكل يومي من الاثنين إلى الجمعة، بالإضافة إلى العمل المسائي يومين على الأقل في الأسبوع. يفضل الكثير من الأطباء العمل في عيادات خاصة، وذلك لأن أوقات الدوام هذه تبقى أفضل من ساعات العمل الطويلة في المستشفيات.
Image credit: freepik license

آلية العمل في العيادات

هناك عدة خيارات للعمل في مجال العيادات. سأعطيك فكرة عامة عن الموضوع.

الخيار الأول هو أن تتقدم بطلب توظيف في عيادة مشتركة مؤلفة من عدة أطباء أو مركز طبي خاص. في هذه الحالة أنت تعتبر موظفاً في هذه العيادة وتحصل على راتب يحدد بالاتفاق المتبادل.

أنت لست مسؤولاً بشكل مباشر عن هذه العيادة ولست مالكاً لها وإنما فقط تعمل فيها. ربما ترغب بالمستقبل في شراء جزء من الأسهم في هذا المركز وبالتالي يصبح لديك حصة في ملكية المركز وزيادة في العوائد المادية التي يمكن أن تحصل عليها.

هذا الخيار هو الأسهل بطبيعة الحال، فلا يتوجب عليك فعل أي شيء باستثناء الاتفاق مع أصحاب العيادة وتوقيع عقد العمل. وفي نهاية الشهر يصل الراتب إليك كما لو كنت تعمل في المستشفى.

في بعض الأحيان يكون هناك مركز للعيادات الخارجية تابع لإحدى المستشفيات، حيث يقتصر عملك في هذه الحالة على هذه العيادة وبدون أن يكون لك علاقة مباشرة بالمستشفى، وذلك حسب العقد الذي توقعه مع المستشفى.

مشروع افتتاح عيادة خاصة في ألمانيا
يعتبر افتتاح عيادة في ألمانيا مشروعاً كبيراً يحتاج إلى الكثير من المعرفة والتخطيط بالإضافة إلى التكاليف المادية.
Image credit: Envato Elements License

الخيار الثاني هو أن تتسلم عيادة موجودة سابقاً. هناك عيادة سابقة والطبيب الموجود فيها سوف يتقاعد ويريد أن ينوب أحد مكانه. في هذه الحالة يمكنك شراء العيادة منه ومتابعة العمل فيها. وفي هذه الحالة تصبح مسؤولاً عن هذه العيادة بشكل كامل.

هذا الخيار وارد بشكل خاص لطبيب الأسرة أو الطبيب العام، حيث يخرج مئات الأطباء على التقاعد سنوياً. ويعتبر ذلك خياراً جيداً يساعد على توفير الكثير من التكاليف والإجراءات نظراً لأن العيادة مرخصة ومجهزة وفيها عادة طاقم كامل من الموظفين.

أما الخيار الثالث والأصعب فهو تأسيس عيادة من الصفر، أي شراء عقار مناسب وتجهيزه فنياً وطبياً وتوظيف الطاقم الطبي اللازم. وهذا الخيار لا يخلو من المصاعب والتكاليف والإجراءات الطويلة بطبيعة الحال.

التخصصات الطبية التي يمكنها العمل في عيادات

التخصص الأساسي بطبيعة الحال هو طب العائلة، حيث يدعى التخصص بالطب العام (Allgemeinmedizin)الذي يعمل فيه طبيب الأسرة (Hausarzt).تتواجد عيادات الطب العام في كل مكان، وهي من التخصصات التي تعتبر مطلوبة للغاية في ألمانيا.

ومن التخصصات المشابهة نذكر طب الأطفال وطب النساء والولادة، حيث يعمل عدد كبير من الأطباء المتخصصين في هذين المجالين في العيادات حيث يمكن التعامل مع معظم المرضى بدون الحاجة للمستشفى.

بالإضافة إلى ذلك نذكر التخصصات الباطنية التي يعمل الكثير من أطبائها في عيادات أيضاً، مثل أمراض القلب أو أمراض الصدر أو أمراض المفاصل أو الغدد الصماء أو غير ذلك.

توزع الأطباء على المستشفيات والعيادات في ألمانيا
توزيع الأطباء على أماكن العمل حسب إحصائيات نقابة الأطباء الاتحادية بداية عام 2019. تظهر الإحصائية في الأيمن توزع الأطباء حسب مكان العمل حيث يعمل معظم الأطباء في المستشفيات. أما الإحصائية في الجهة اليسرى فهي تظهر توزع الأطباء الذين يعملون في العيادات.
Image credit: Brildox, statistics from Bundesärztekammer (CC BY 4.0)

أما بالنسبة للتخصصات الجراحية فإن مجال العمل في عيادة متاح أيضاً للكثير منها. هناك الكثير من عيادات جراحة العظام التي تحتوي على أجهزة أشعة ويمكن فيها تشخيص الأمراض ومتابعة العلاج. هناك أيضاً عيادات للمسالك البولية ولأمراض الشرج.

كما أن الاختصاصات الرفيعة تمارس بشكل رئيسي في العيادات، نذكر هنا طب العيون وطب الأذن والأنف والحنجرة والأمراض الجلدية. ولا ننسى الأمراض العصبية والطب النفسي، وهي من أهم المجالات التي يمارسها الأطباء في العيادات.

وكما هو في النظام الصحي في البلاد العربية، يمكن للأطباء الذين لديهم عيادات خاصة الاتفاق مع مستشفيات معينة بحيث يقومون بإجراء العمليات الجراحية لمرضاهم لديها. وعادة ما تكون من المستشفيات الصغيرة.

عيادات العلاج النفسي في ألمانيا
يعتبر الطب النفسي من التخصصات المطلوبة بكثرة في ألمانيا نظراً لشيوع الأمراض النفسية ولتردد المرضى على الأطباء النفسيين. ويمكن للطبيب بعد إنهاء التخصص العمل في عيادة أو مركز طبي خاص بالمعالجة النفسية.
Image credit: freepik license

ماذا فعلت نسرين للعمل في عيادة؟

بطبيعة الحال لا يمكن لطبيب التخدير العمل في العيادة نظراً لأن عمله محصور في المستشفيات. ولكن يمكنه إجراء تخصص فرعي يتيح له العمل في العيادات إن أراد ذلك. فماذا فعلت نسرين؟

بعد سنوات من العمل في المستشفى وإجراء المناوبات والإشراف على المرضى في وحدة العناية المركزة فكرت نسرين أنها تريد عملاً مريحاً أكثر، ربما في عيادة خارج المستشفى.

ولكن ما هو التخصص المناسب في حالتها؟ إنه طب الألم.

هناك تخصص إضافي في ألمانيا يدعى باسم تخصص معالجة الألم (Schmerztherapie).يشترط للحصول على هذا التخصص أن يكون لدى الطبيب شهادة اختصاص، وأن يخضع لتدريب تخصصي في معالجة الألم لمدة سنة واحدة، وأن يقوم بإجراء كورس خاص.

عيادات علاج الألم في ألمانيا
يعتبر تخصص معالجة الألم من المجالات المنتشرة بكثرة في ألمانيا، وله الكثير من التطبيقات السريرية في حالات متنوعة لدى المرضى. وهو يستخدم الكثير من التقنيات الحديثة مثل التحريض الكهربائي عبر الجلد.
Image credit: Envato Elements License

تمكنت نسرين من الحصول على هذا التخصص بعد إتمام الإجراءات المطلوبة وحصلت على الشهادة. إحدى زميلاتها تعمل كطبيبة اختصاصية في مركز للأمراض العصبية، وهذا المركز بحاجة لطبيب اختصاصي بمعالجة الألم.

قدمت نسرين استقالتها من المستشفى التي تعمل فيها وتعاقدت كطبيبة اختصاصية بمعالجة الألم في عيادة الأمراض العصبية.

طبعاً الميزة الأكبر التي حصلت عليها الآن هي وجود مرونة أكبر واستقلالية في أوقات العمل ووقت أكثر في المنزل. ويكون دخل الطبيب في العيادات مماثلاً له في المستشفيات أو ربما أعلى في بعض الأحيان (انظر مقالة التكاليف والمرتبات في ألمانيا).

أما السيئة الرئيسية لهذا الخيار فهي أن الطبيب يحصر نفسه عادة في المجال الضيق للعمل في العيادة ولا يعود قادراً على ممارسة كافة جوانب الاختصاص، وبالتالي يمكن أن يتوقف عن التطور في تخصصه الواسع ويركز على مجال عمله فقط.

العمل في بلد أوروبي آخر

بعد أن تعمل في ألمانيا كطبيب لمدة ست سنوات فسوف تحصل على الجنسية الألمانية. وبوجود شهادة الأبروباتسيون وشهادة التخصص الألمانية تستطيع العمل كاختصاصي في أي بلد أوروبي آخر.

طبعاً يجب أن تكون متقناً للغة البلد الذي ترغب بالعمل فيه، وجميع البلدان الأوروبية لديها امتحانات خاصة باللغة عليك تجاوزها إذا رغبت العمل فيها كطبيب، مع وجود إعفاءات معينة في بعض الأحيان.

الاستثناء في هذه الحالة هو النمسا وسويسرا حيث تعتبر اللغة الألمانية لغة رسمية. وفي هذه الحالة يمكنك الانتقال مباشرة للعمل في أي من هذين البلدين حين تعثر على فرصة مناسبة.

الدول الناطقة بالألمانية في أوروبا
اللغة الألمانية هي اللغة الرسمية في ألمانيا والنمسا، وهي إحدى اللغات الرسمية الأربعة في سويسرا، بالإضافة إلى الفرنسية والإيطالية والرومانشية (Romansh) (لغة خاصة بسويسرا قريبة من اللغة اللاتينية). بين النمسا وسويسرا توجد دولة صغيرة اسمها ليشتنشتاين يعيش فيها أقل من 40,000 نسمة، ولغتها الرسمية هي أيضاً الألمانية.
Image credit: Brildox (CC BY 4.0)

وكما تشاهد في الخريطة، فإن التجاور الجغرافي يتيح للطبيب السكن في مناطق حدودية بداخل ألمانيا والانتقال يومياً إلى مكان عمله في النمسا أو سويسرا بالسيارة، وهذا ما يفعله في الواقع الكثير من الألمان.

سأذكر في هذا السياق بعض التفاصيل حول العمل في هذين البلدين!

العمل في النمسا

تعتبر النمسا (Österreich)البلد الأكثر تشابهاً مع ألمانيا بالنسبة للأطباء، حيث أن النظام الصحي والإداري مشابه بشكل كبير (انظر مقالة النظام الصحي في ألمانيا). واللغة الرسمية هي اللغة الألمانية، ولكن بلهجتها النمساوية التي تحتوي على بعض المفردات المختلفة.

تعتبر ظروف عمل الأطباء في النمسا قريبة جداً منها في ألمانيا. هناك أيضاً حاجة للأطباء، وخصوصاً الأطباء الاختصاصيون بدرجة أكبر من الأطباء المقيمين، مما يجعل الكثير من الأطباء ينهون التخصص في ألمانيا ثم ينتقلون إلى النمسا.

متحف ألبرتينا في فيننا
تعتبر فيينا من أجمل المدن الأوروبية وأفضلها معيشة. الصورة لمتحف ألبرتينا الذي يعتبر من أشهر متاحف فيينا.
Image credit: Pierre Blaché on Pexels (CC0)

بالنسبة للعائد المادي في النمسا فهو مشابه لألمانيا أو أقل منها بقليل، أما تكاليف المعيشة فهي إجمالاً أغلى. لذلك لا تعتبر النمسا بشكل عام أفضل من ألمانيا من ناحية الكسب المادي. لماذا إذاً ينتقل بعض الأطباء الألمان للعمل في النمسا؟

في الواقع تتربع النمسا وعاصمتها فيينا على قائمة أفضل الدول الأوروبية من حيث ظروف المعيشة ونوعية الحياة. وهذا السبب هو الذي يجعل الكثير من الأطباء ينتقلون إليها من ألمانيا.

إذا كنت مهتماً أكثر بهذا الموضوع فيمكنك مشاهدة الفيديو التالي الذي يتحدث عن نقص الأطباء في النمسا (مدته خمس دقائق).

رابط مباشر للفيديو

العمل في سويسرا

تعتبر سويسرا (Schweiz)من الوجهات المفضلة للأطباء الألمان وكذلك الأجانب الذين ينهون التخصص في ألمانيا. وهناك في سويسرا حاجة للأطباء كما في ألمانيا نظراً لزيادة نسبة كبار السن، وأكثر التخصصات المطلوبة هي الطب العام وطب الأطفال.

يقدر بأن دخل الطبيب الأساسي في سويسرا أعلى بحوالي 33% وسطياً منه في ألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً لأن الضرائب بشكل عام أقل في سويسرا، فإن الراتب الصافي الذي يصل الطبيب يمكن أن يصل أحياناً إلى ضعف ما يحصل عليه في ألمانيا، بشكل تقديري طبعاً.

قمة ريفلهورن في سويسرا
تعتبر سويسرا من أجمل الدول الأوروبية. تظهر الصورة قمة Riffelhorn الجبلية الشهيرة في جبال الألب على الحدود الجنوبية مع إيطاليا.
Image credit: freepik license

ولكن هذا الفرق في الدخل المادي يتراجع مجدداً في ظل الغلاء النسبي للمعيشة في سويسرا مقارنة بألمانيا. ولكن نوعية الحياة أعلى نوعاً ما، والشعب السويسري بشكل عام لطيف ومعتاد على الأجانب الذين يشكلون حوالي ربع السكان.

وبالنسبة لساعات العمل فهي ليست مختلفة عنها بشكل كبير في ألمانيا، وهناك الكثير من الأطباء في سويسرا الذين يعملون لساعات طويلة أيضاً، ولو أن الضغط النسبي للعمل يكون أقل والوقت المخصص لكل مريض يكون أطول.

العمل في الولايات المتحدة

قد يفكر بعض الأطباء كذلك بالانتقال للعمل في دولة أجنبية أخرى خارج أوروبا، على سبيل المثال الولايات المتحدة أو كندا، والتي تعتبر إجمالاً خطوة كبيرة جداً مقارنة بالانتقال إلى الدول الأوروبية.

السبب في ذلك هو أن تعديل شهادة الطب لا يزال في هذه الحالة ضرورياً، حيث يتوجب على الطبيب التقدم لامتحان USMLE الذي يحتاج على الأقل إلى سنتين من الوقت بالإضافة إلى الكم الكبير من المواد الدراسية.

كذلك لا يعترف بالتخصص الذي حصلت عليه في ألمانيا ويتوجب عليك إعادة التخصص في الولايات المتحدة، إلا إذا قررت الدخول في مسار الزمالة (fellowship)، وهي تفاصيل تخرج عن نطاق هذه المقالة.

وعلى الرغم من أن الكثير من الأطباء الألمان يقومون بذلك، إلا أن هذه الخطوات تعتبر ثقيلة جداً على الطبيب العربي الذي بلغ من العمر ما بلغ بعد أن قام بتعديل شهادة الطب في ألمانيا ثم أنهى سنوات التخصص. ستكون بمثابة بداية من الصفر.

مساحة إعلانية

العمل في البلاد العربية الأخرى

يعتبر العمل في البلاد العربية الأخرى من الخيارات الجذابة للأطباء، وذلك بعد الحصول على شهادة التخصص وبعض الخبرة من ألمانيا، وكذلك على الجنسية الألمانية، بالإضافة إلى ضرورة إتقان اللغة الإنجليزية.

بطبيعة الحال تشمل المزايا في هذه الحالة المعيشة في بيئة وثقافة عربية وإسلامية أقرب إلى الثقافة الأم مقارنة بما هو الحال عليه في ألمانيا والعالم الغربي بشكل عام.

مستشفى كليفلاند في أبو ظبي
يطمح الكثير من الأطباء للعمل في مستشفى كبير في إحدى الدول العربية بعد إنهاء التخصص في ألمانيا. الصورة لمشفى Cleveland Clinic في أبو ظبي. يحتاج العمل في مثل هذا المركز إلى مؤهلات عالية وخبرة في التدريس والبحث العلمي.
Image credit: Francisco Anzola on flickr (CC BY 2.0)

بالإضافة إلى الثقافة الشرقية يأتي أيضاً الدخل المادي الجيد الذي قد يتفوق على ما يحصل عليه الطبيب في ألمانيا، والتي يخسر فيها الطبيب جزءاً مهماً من دخله لصالح الضرائب. بالإضافة إلى ذلك فإن ضغط العمل في الدول العربية يكون عادة أقل نوعاً ما مما هو عليه في ألمانيا.

قبل أن تتمكن كطبيب أجنبي من العمل في دول الخليج فيجب أن تتقدم بشهاداتك للتعديل. بعد دراسة أوراقك يتم تحديد المسمى الوظيفي المناسب لك في هذا البلد.

تعتمد دول الخليج في تعديل شهادات التخصص التي تم الحصول عليها في الغرب على البلد الذي تم الحصول على الشهادة منه، وذلك بغض النظر عن وجود الجنسية الأجنبية. سنأخذ على سبيل المثال النظام المعمول به في المملكة العربية السعودية.

تعديل شهادة التخصص الألمانية في السعودية

حسب نظام تعديل الشهادات الطبية في المملكة العربية السعودية، فإن شهادات التخصص تقسم إلى ثلاث مجموعات حسب البلد التي حصل منها الطبيب على الشهادة. المجموعة الأولى هي الأفضل تصنيفاً والثالثة هي الأقل تصنيفاً.

تشمل المجموعة الأولى الشهادات الصادرة عن الدول الناطقة بالإنجليزية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا. تصنف شهادة الفاخ أرتز الصادرة عن ألمانيا أيضاً ضمن المجموعة الأولى. أما الدول العربية فبعضها يأتي ضمن المجموعة الثانية وبعضها ضمن المجموعة الثالثة.

ولكن ما هو الفرق بين هذه المجموعات وكيف يتم التعامل معها؟

الهيئة السعودية للتخصصات الطبية
مقر الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في الرياض. هذه الهيئة هي الجهة المسؤولة عن دراسة المؤهلات الطبية التخصصية ومعادلتها في المملكة. وفي كل دولة عربية تكون هناك هيئة مشابهة لتصنيف الشهادات الطبية القادمة من الخارج.
Image credit: Ashashyou on Wikipedia (CC0)

بالنسبة للشهادات الصادرة عن دول المجموعة الأولى مثل ألمانيا فإن التعامل معها يختلف حسب عدد سنوات الخبرة: إذا كانت فترة الخبرة بعد الحصول على شهادة التخصص الألمانية أقل من عشر سنوات فهنا يتوجب عليك أولاً اجتياز امتحان البروميتريك، وهو اختبار نظري يماثل اختبار البورد السعودي في نفس التخصص. وبعد تجاوز الامتحان يمكنك العمل كاستشاري.

أما إذا كانت فترة الخبرة تتجاوز عشر سنوات فهنا لا حاجة لتجاوز أي اختبارات ويمكنك العمل كاستشاري مباشرة، طبعاً بعد تقديم الأوراق التي تثبت تدريبك وخبرتك.

للمقارنة فإن التعامل مع الشهادات الصادرة عن دول المجموعة الثانية يكون أصعب نوعاً ما. على سبيل المثال لا يمكنك أن تعمل كاستشاري قبل جمع خمس سنوات من الخبرة، بالإضافة إلى الحاجة للتقدم لامتحان البروميتريك.

أما فيما يتعلق بالمجموعة الثالثة فإن المتخرجين من بلدان هذه المجموعة لا يمكنهم العمل كطبيب استشاري على الإطلاق نظراً لأن شهادة التخصص المتوفرة لديهم لا تسمح –حسب تصنيف الهيئة– بالوصول إلى منصب استشاري.

يمكن لخريج ألمانيا العمل كاستشاري في دول الخليج مثله مثل خريجي الولايات المتحدة وبريطانيا

دول الخليج الأخرى

تعتبر الأنظمة المتبعة في دول الخليج الأخرى (مثل الإمارات وقطر) مشابهة بشكل أو بآخر، حيث تصنف ألمانيا عادة إما مع الدول الناطقة بالإنجليزية أو في المرتبة الثانية بعدها. ولكن إذا كنت قد عملت كطبيب استشاري في ألمانيا (Oberarzt)وكانت لديك خبرة كافية فإن ذلك يرفعك إلى المرتبة الأولى.

للعمل كاستشاري في دبي على سبيل المثال يتم النظر إلى منصبك الحالي في ألمانيا، حيث تطلب منك سنتان من الخبرة كاستشاري (أوبرأرتز) أو خمس سنوات خبرة كاختصاصي (فاخ أرتز) حتى يحق لك أن تعمل كاستشاري في دبي.

بغض النظر عن هذه التصنيفات وكقاعدة عامة: يمكن لخريج ألمانيا بعد الحصول على بضع سنوات من الخبرة في مجاله بعد التخصص والعمل كطبيب استشاري وإتقان التخصص أن يصبح استشارياً في دول الخليج براتب محترم.

موضوع المقارنة بين ألمانيا ودول الخليج على المدى الطويل هو موضوع كبير جداً وتدخل فيه الكثير من التفاصيل والحسابات المختلفة، وخصوصاً في مجال المصاريف ودراسة الأولاد والتقاعد في المستقبل.

لمعرفة المزيد من التفاصيل حول التصنيف وأمور التعديل يجب عليكم البحث في المواقع الإلكترونية للهيئات الخاصة بتعديل الشهادات الطبية في كل بلد والتواصل معها عند الحاجة. وضعت لكم أعزائي عدداً من الروابط المفيدة في نهاية هذه المقالة.

العودة إلى الوطن

إنه دائماً الخيار الأجمل: أن تحصل على ما تريده من شهادات وخبرات، ثم تعود إلى بلدك الأم لممارسة ما تعلمته وتطبيقه في معالجة المرضى.

بل الأهم من ذلك أن تعمل في مجال التدريس والتعليم بهدف نقل المعرفة والخبرة التي حصلت عليها إلى الطلاب والأطباء الجدد، وكذلك إلى زملائك الأطباء الذين لم تتسنى لهم فرصة السفر.

تبقى العودة إلى الوطن الأم من الخيارات الجذابة للغاية لكل طبيب. وفي جميع الدول العربية تعتبر شهادة التخصص الألمانية أو شهادة الفاخ أرتز (Facharzt)من الشهادات القوية علمياً التي تعطي لصاحبها سمعة مرموقة وتؤهله لشغل المناصب العلمية.

العودة إلى الوطن
ربما تكون اللحظة الأجمل في حياة أي طبيب حين ينهي التخصص والخبرة في بلد أجنبي ويقرر العودة إلى بلده.
Image credit: Envato Elements License

التوقيت المناسب للعودة

لكل شخص أهداف معينة يرغب بتحقيقها قبل العودة إلى بلده. بعض الزملاء يرغبون فقط بالحصول على اختصاص أساسي ثم العودة لممارسة المهنة في بلادهم.

البعض الآخر قد يرغب بالحصول على أكثر من تخصص أو إجراء عدة تخصصات فرعية أو تعميق التخصص في مجاله. من الجيد أن ترسم أهدافاً معينة مسبقاً وتسعى لتحقيقها خلال وجودك في ألمانيا.

حين يتبين لك بأنك لن تستطيع أن تبلغ هدفك فلا تغيّر الهدف، وإنما غيّر ما تفعله
كونفوشيوس (فيلسوف صيني)

على الرغم من ذلك فإن الكثير من الأطباء يستعجلون بالعودة إلى بلادهم قبل إتقان التخصص بشكل جيد والتمكن من الأمور الفرعية المتعلقة به.

النقطة الأهم في هذه الحالة هي ألا تستعجل بالعودة إلا بعد أن تتقن تخصصك بشكل شبه كامل. ولا يعني ذلك الحصول على شهادة التخصص فقط، وإنما العمل لفترة من الزمن كطبيب اختصاصي أو استشاري بعد الحصول على شهادة التخصص.

يحتاج إتقان التخصصات الجراحية أو التداخلية إلى العمل لعدة سنوات بعد الحصول على شهادة التخصص

والسبب في ذلك هو أن الطبيب في لحظة إنهاء التخصص تكون لديه المعرفة الأساسية بهذا التخصص، ولكنه لا يزال لا يمتلك المهارة والخبرة الكافيتين للقيام بالإجراءات المتقدمة بشكل مستقل أو علاج الحالات المعقدة أو النادرة.

ويحتاج ذلك إلى المزيد من الخبرة والعمل، الأمر الذي يتم الحصول عليه في ألمانيا عادة بعد الحصول على شهادة التخصص. وينطبق ذلك بشكل خاص على التخصصات الجراحية والمجالات التي فيها الكثير من التداخلات مثل أمراض القلب وأمراض الجهاز الهضمي.

المحافظة على التواصل مع ألمانيا

الكثير من الأطباء غادروا ألمانيا ولكنهم لم يقطعوا ارتباطهم بها بشكل كامل من ناحية العمل، وإنما يترددون إليها من فترة لأخرى، غالباً من خلال العمل المؤقت كطبيب في المستشفى.

ويعتبر هذا الخيار من الخيارات الواردة للأطباء الأجانب الذين عادوا إلى بلادهم بعد التخصص في ألمانيا، ولكنهم يرغبون بالعمل فيها مجدداً من فترة لأخرى بهدف تحديث معلوماتهم أو بهدف تحقيق بعض العائد المادي.

وحين يكون الطبيب حاصلاً على الجنسية الألمانية وعلى الترخيص الدائم (شهادة الأبروباتسيون) فيمكنه في أي وقت العودة إلى ألمانيا والعمل مباشرة بدون أي قيود.

حضور المؤتمرات الطبية في ألمانيا
بالإضافة إلى حضور المؤتمرات أو الكورسات من فترة لأخرى، فإن الكثير من الأطباء يعودون إلى ألمانيا بصورة مؤقتة للعمل.
Image credit: freepik license

الطبيب المؤقت

الطبيب المؤقت (Horonararzt)هو طبيب يعمل في مستشفى أو عيادة معينة بصورة مؤقتة بهدف تغطية شاغر معين في هذا القسم. وهو يمكن أن يقابل مصطلح locum doctor في النظام الطبي البريطاني.

على سبيل المثال إذا كانت هناك طبيبة استشارية في القسم سوف تتغيب لمدة عام كامل بسبب الحمل والولادة فيمكن للمستشفى أن تتعاقد مع طبيب آخر بشكل مؤقت ليحل محلها خلال فترة غيابها.

نفس المصطلح يستخدم مع الأطباء المقيمين: إذا حدث عجز مفاجئ في الأطباء -مثلاً بسبب مرض أو تغيب عدد منهم دفعة واحدة- فإن المستشفى يمكن أن تستعين بأطباء من خارج المستشفى لتغطية أقسام الإسعاف لبضعة أيام أو أسابيع ريثما يعود الأطباء المتغيبون إلى عملهم.

الخلاصة

بعد أن يحصل الطبيب على تدريبه التخصصي في ألمانيا ويختتم هذا التدريب بالحصول على شهادة التخصص فإن ذلك يفتح أمامه الكثير من الأبواب في المستقبل.

يمكن للطبيب أن يبقى في ألمانيا بحيث يتدرج في السلم الوظيفي، ويمكنه في نفس الوقت أن يطور نفسه أكثر ويحصل على تخصصات فرعية أو إضافية.

كما يمكنه السفر إلى دولة أوروبية أخرى، وخصوصاً الدول الناطقة بالألمانية. أو أن ينتقل إلى دولة عربية، أو أن يعود إلى وطنه ليطبق ما تعمله هناك أو يعمل في التدريس.

الخيارات الواردة بعد إنهاء التخصص
يقدم لكم هذا المخطط ملخصاً لمحتوى هذه المقالة. يمكنك النقر على الصورة لرؤية نسخة أكبر.
Image credit: Brildox (CC BY 4.0)
مساحة إعلانية

المزيد من المعلومات

إذا كانت لديكم المزيد من التساؤلات حول هذا الموضوع فيمكنكم طرحها على صفحات التواصل الاجتماعي. إذا كان لديكم أي تصحيح أو تحديث للمعلومات المذكورة في هذه المقالة فنرجو التواصل معنا مباشرة.

مصادر أخرى للتوسع

  • موقع بالألمانية حول عمل الأطباء الألمان في الدول الأخرى
  • مقابلة بالعربية مع جراح عظام مصري يعمل في سويسرا
  • مقالة بالألمانية عن عمل الأطباء في سويسرا
  • نظام تعديل شهادات التخصص في المملكة العربية السعودية (ملف PDF)
  • نظام تعديل شهادات التخصص في هيئة وزارة الصحة في دبي (ملف PDF)
  • نظام تعديل شهادات التخصص في وزارة الصحة العامة في قطر (انقر على قائمة شهادات الاختصاص)
إن المعلومات المقدمة على هذه الصفحة هي معلومات إرشادية بهدف التثقيف والتوجيه. تبذل إدارة الموقع جهدها لنشر معلومات موثوقة وحديثة مدعمة بالمصادر اللازمة. ولكنها في الوقت نفسه غير مسؤولة عن أي أخطاء أو نقص في المعلومات، أو أي تغييرات أو تعديلات يمكن أن تطرأ عليها، أو أي نتائج يمكن تترتب على استخدام هذه المعلومات بأي شكل من الأشكال. للمزيد من المعلومات انظر صفحة إخلاء المسؤولية.
DMCA Protected إن المادة العلمية والصور والميديا الموجودة في هذه المقالة محمية بشكل كامل بموجب قوانين الملكية الفكرية. يمنع نسخ أو نقل المعلومات إلى أي موقع آخر إلا من خلال الاقتباس العلمي المتعارف عليه. ومن خلال اتفاقيتنا مع شركة DMCA العالمية فسوف يتم إشعارنا بأي إعادة استخدام غير مشروعة للمواد الموجودة على هذا الموقع، الأمر الذي يمكن أن يعرضكم للمساءلة القانونية. للمزيد من المعلومات انظر صفحة حقوق النشر.

مواضيع ذات علاقة