هل تفكر بالسفر إلى ألمانيا للتخصص أو العمل وترغب بالحصول على فكرة عن ساعات عمل الأطباء المقيمين؟ هل تريد أن تعرف ما هي الأمور التي تحكم أوقات عمل الأطباء في ألمانيا أثناء فترة التخصص؟
في هذه المقالة سوف أقدم لكم نظرة عامة على أوقات العمل التي تحكم الأطباء في ألمانيا. سنتحدث عن عدد ساعات العمل وسنتطرق إلى بعض الأمور الأخرى ذات العلاقة مثل الساعات الإضافية والمناوبات الليلية والعمل الجزئي.
أتفهم تماماً أهمية هذه الأمور للطبيب الذي يريد أن يعرف نوعية العمل في ألمانيا ودرجة الضغط الذي يتعرض له الطبيب في العمل، وخصوصاً بوجود ظروف معينة، مثل وجود ظروف صحية خاصة أو الطبيبات اللواتي لديهن أطفال.
نبدأ بأوقات العمل اليومية (tägliche Arbeitszeit).متى يبدأ العمل في كل يوم ومتى ينتهي؟ في الواقع يختلف ذلك بشكل كبير من مستشفى لآخر ومن قسم لآخر بداخل نفس المستشفى. كيف ذلك؟
سنأخذ بعض الأمثلة من خلال ثلاثة أطباء ظرفاء سيرافقوننا في هذه المقالة: بشرى ومنير وعصام.
الدكتور عصام يعمل في قسم جراحة العظام (Unfallchirurgie).عصام يجب أن يكون كل يوم في المستشفى في الساعة السابعة صباحاً (07:00) حيث تبدأ الجولة الصباحية في هذا الوقت. بعد الجولة الصباحية يجتمع الأطباء معاً في الاجتماع الصباحي (Morgenbesprechung).
المشكلة أن عصام يسكن على بعد حوالي 45 دقيقة من المستشفى، وحتى يصل إلى مكان عمله فهو يضطر إلى ركوب الباص. هذا يعني أنه يستيقظ في كل يوم في الساعة 05:30 صباحاً حتى يستطيع أن يكون في القسم في الساعة السابعة.
الدكتورة بشرى تعمل في قسم النساء والولادة (Frauenklinik)في ولاية أخرى. النظام في المستشفى الذي تعمل فيه بشرى مختلف بعض الشيء. في هذا القسم يبدأ يوم العمل بالاجتماع الصباحي، وذلك في تمام الساعة 7:30. بعد الاجتماع يقوم الأطباء بإجراء الجولة الصباحية على المرضى.
بشرى تسكن قريباً من المستشفى، وتحتاج بواسطة الدراجة إلى 10 دقائق حتى تصبح في غرفة الاجتماعات. هذا يعني أن بشرى تستطيع أن تنهض من الفراش في السادسة والنصف صباحاً لتكون بعد ساعة واحدة في المستشفى.
ماذا عن الدكتور منير؟ يعمل منير في قسم التشريح المرضي أو الباثولوجيا (Pathologie).في هذا القسم لا توجد جولة صباحية ولا يوجد اجتماع صباحي، فالعمل في مجال المختبرات. ويبدأ يوم العمل لدى منير عادة في الساعة الثامنة صباحاً.
فإذاً كما شاهدنا في هذه الأمثلة فإن توقيت بدء العمل في ألمانيا يتفاوت بين الأقسام المختلفة، وذلك بين الساعة 6:45 والساعة 8:00 صباحاً. وكثيراً ما تبدأ الأقسام المختلفة في نفس المستشفى نشاطها في أوقات مختلفة، كل بحسب احتياجاته.
كما أن الاجتماع الصباحي قد يكون قبل الجولة الصباحية وقد يكون بعدها. كل قسم له نظامه الخاص. ولكن انتبه: ما ذكرته هو مجرد أمثلة ولا يعني أن جميع أقسام العظام أو جميع أقسام النساء تبدأ بالعمل في هذا التوقيت بالذات!
في العيادات والمراكز الطبية الخاصة وعيادات طب الأسنان يبدأ العمل أيضاً في الساعة الثامنة صباحاً، وأحياناً في التاسعة حسب نظام العمل في المركز.
يعتبر توثيق أوقات القدوم إلى العمل ومغادرة العمل في ألمانيا أمراً إجبارياً حسب قانون العمل. ويتوجب على أصحاب العمل (المستشفيات في هذه الحالة) توثيق أوقات العمل الخاصة بجميع الموظفين لديها بشكل مناسب.
هناك طريقتان تستخدمان في المستشفيات الألمانية في توثيق أوقات العمل (Arbeitszeiterfassung):الطريقة الأولى هي الطريقة الإلكترونية، حيث تكون هناك بطاقة خاصة أو بصمة إصبع بحيث يسجل الطبيب دخوله وخروجه على جهاز خاص لدى القدوم والمغادرة.
أما الطريقة الثانية فهي الطريقة اليدوية، حيث يقوم الطبيب بتسجيل ساعات القدوم والمغادرة في كل يوم ضمن جدول خاص. هذا الجدول إما أن يكون ورقياً، أو أن يكون إلكترونياً بحيث يتم إدخال التوقيت يدوياً ضمن النظام الإلكتروني للمستشفى.
فإذاً يأتي الطبيب إلى المستشفى في الصباح الباكر، ربما قبل السابعة وربما في الثامنة. ولكن كم ساعة يتوجب على الطبيب البقاء في المستشفى؟ ومتى يسمح له بالعودة إلى المنزل؟
الحديث هنا إذاً هو عن فترة العمل اليومية (tägliche Arbeitszeit).في الواقع يختلف عدد ساعات العمل اليومية فيما إذا كان الطبيب يعمل بدوام كامل (Vollzeit)أم بدوام جزئي (Teilzeit).سنتحدث هنا عن العمل بدوام كامل.
في الأحوال العادية يبلغ عدد ساعات العمل النظامية 8 ساعات في اليوم الواحد. هذا يعني أن عدد ساعات العمل اليومي لا يقل عن 8 ساعات في اليوم يجب خلالها أن يبقى الطبيب في المستشفى، ولا يسمح له بالخروج قبل ذلك.
يضاف إلى ذلك نصف ساعة يومياً في منتصف اليوم! لماذا؟ حسب قانون أوقات العمل في ألمانيا يجب على الموظف الحصول على استراحة لمدة نصف ساعة خلال عمله اليومي.
هذه النصف ساعة هي فترة استراحة إجبارية لا يمكن للموظف الاستغناء عنها. وهي لا تحتسب من ساعات العمل الفعلية ولا يحصل الموظف خلالها على أجر.
يدعى القانون الذي ينظم شؤون العمل والموظفين في ألمانيا باسم قانون العمل (Arbeitsrecht).وهناك أقسام كثيرة لهذا القانون من أهمها قانون أوقات العمل (Arbeitszeitgesetzt).هذا القانون ينظم كل شاردة وواردة فيما يتعلق بأوقات العمل.
كمثال على ذلك فإن قانون أوقات العمل يحدد عدد ساعات العمل اليومية، وفترات الاستراحة اليومية، وعدد ساعات العمل الأسبوعية، والحالات الاستثنائية التي تؤخذ بعين الاعتبار، وغير ذلك من الأمور.
يتم مراقبة تطبيق هذا القانون من خلال الهيئات المسؤولة عن الدفاع عن حقوق الأطباء مثل رابطة ماربورغ، أما الهيئات المسؤولة عن الأطباء في ألمانيا فلا علاقة لها عادة بتنظيم أوقات العمل.
فإذاً يتوجب على الطبيب أن يعمل لمدة 8 ساعات ويأخذ خلالها نصف ساعة استراحة. ولكن كيف يتم ذلك؟ لنعد إلى الدكتورة بشرى.
يبدأ يوم العمل لدى بشرى في الساعة السابعة والنصف صباحاً. يتوجب على بشرى الموظفة بدوام كامل أن تعمل لمدة 8 ساعات في اليوم. هذا يعني حتى الساعة الثالثة والنصف عصراً.
ولكن هناك أيضاً نصف ساعة استراحة في منتصف النهار تأخذها بشرى في الوقت المناسب حسب ما يسمح به العمل. هذا يعني أن بشرى لا تستطيع الذهاب إلى المنزل إلا في الساعة الرابعة عصراً، أي بعد ثمان ساعات ونصف من بدء العمل.
وعند احتساب المرتب فهي تحصل خلال يوم العمل هذا على أجر 8 ساعات عمل فقط وليس ثمان ساعات ونصف، فهذه النصف ساعة هي فترة استراحة ولا تحتسب من وقت العمل.
ماذا بالنسبة لعصام؟ نحسب بنفس الطريقة! إذا كان عصام يأتي إلى المستشفى في الساعة السابعة، فهو يجب أن يعمل لمدة 8 ساعات تضاف إليها نصف ساعة فترة الاستراحة، وهذا يعني أنه يمكنه المغادرة في الساعة الثالثة والنصف عصراً، إذا انتهى العمل!
قد تطرح السؤال التالي: هل يمكن أن تتحسن أوقات العمل اليومية بعد أن ينهي الطبيب التخصص ويصبح طبيباً اختصاصياً؟ الإجابة هي أن أوقات العمل ثابتة ولا علاقة لها بالدرجات الوظيفية. عمل بدوام كامل؟ إذاً 8 ساعات ونصف يومياً.
ربما يختلف الموضوع بالنسبة للساعات الإضافية، وهي الفترة التي يتوجب خلالها البقاء في المستشفى بعد انتهاء وقت العمل الرسمي بهدف إنهاء ما تبقى من أعمال. سأتحدث عن ذلك في الفقرة القادمة.
وبشكل عام فإن الموضوع مرتبط بالكثير من العوامل، فإذا كان هناك ضغط في القسم وكانت المستشفى كبيرة فيتوجب على جميع الأطباء البقاء حتى انتهاء العمل، بما في ذلك الاختصاصيين والاستشاريين.
بل إن الاستشاريين قد تكون لديهم مهام إضافية كبيرة في المستشفيات الكبرى والجامعية مما يضطرهم للبقاء في المستشفى حتى أوقات متأخرة أحياناً، وخصوصاً المناصب القيادية التي لا تحكمها أوقات عمل ثابتة.
يمكنك العثور على المزيد من التفاصيل حول طبيعة عمل الأطباء في المستويات المختلفة ضمن مقالة الدرجات الوظيفية للأطباء في ألمانيا.
من المؤسف بأن الوضع لا يسير دائماً على الشكل الذي ذكرناه. لماذا؟ نعود إلى شخصياتنا الظريفة!
الدكتور عصام يساعد اليوم في إحدى العمليات الجراحية. العملية كانت صعبة وحدثت خلالها مشاكل غير متوقعة، وامتدت لأكثر من الوقت المقرر لها. عوضاً عن أن يذهب عصام إلى المنزل في الساعة الثالثة والنصف (15:30) فقد اضطر للبقاء في المستشفى حتى الساعة السادسة مساءً (18:00).
بالنسبة لبشرى فقد كان لديها ضغط عمل كبير خلال اليوم: ساعدت قليلاً في العمليات وساعدت الزملاء في العيادة النسائية. يفترض أن تذهب إلى المنزل في الساعة الرابعة عصراً (16:00). ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل لإنجازه في جناح المرضى (Station).اضطرت بشرى للبقاء في المستشفى حتى الساعة الخامسة والنصف (17:30) لإتمام كتابة تقارير خروج المرضى لليوم التالي.
أما منير فقد كان أحد زملائه في القسم اليوم مريضاً ولم يستطع الحضور، وهناك زميل آخر في إجازته السنوية. تراكم الكثير من العمل في القسم وعليه إنهاء العينات التي وصلت إلى القسم. اضطر منير للبقاء في المستشفى حتى الساعة السابعة مساءً.
فإذاً في الكثير من الأقسام في ألمانيا يضطر الأطباء للعمل أكثر من عدد الساعات المحددة، ويدعى ذلك بالساعات الإضافية (Überstunden).وهذا الأمر ليس استثنائياً وإنما يمكن اعتباره القاعدة في الكثير من الأقسام.
فقط في القليل من المستشفيات يمكن للأطباء الخروج من المستشفى في الوقت المقرر بدون العمل لساعات إضافية. ولكن لماذا يحدث ذلك؟
السبب في معظم الأحيان هو قلة عدد الأطباء في القسم مقارنة بحجم العمل الذي يتوجب على الأطباء القيام به. في حالات أخرى يكون السبب هو طبيعة العمل، مثلاً في التخصصات الجراحية حيث لا يمكن التنبؤ بالوقت بشكل مؤكد.
فإذاً، اضطر الطبيب للبقاء في المستشفى لأطول من الوقت المقرر وعمل لعدد أكبر من الساعات. هل يكون عمل الطبيب خلال هذه الساعات الإضافية مجانياً؟
في الواقع يختلف الوضع بشكل كبير من مستشفى لآخر، فلكل مستشفى نظام خاص به فيما يتعلق بالساعات الإضافية. يمكنك في المستشفيات الألمانية مصادفة واحد من أربعة احتمالات:
نعود مرة أخرى إلى شخصيات هذه المقالة. الدكتورة بشرى تعمل في قسم الأمراض النسائية من الساعة السابعة والنصف صباحاً إلى الساعة الرابعة عصراً. في معظم الأيام تضطر بشرى للبقاء في المستشفى لساعة واحدة على الأقل، أي حتى الخامسة عصراً. هذا يعني أنها يتوجب عليها البقاء خارج المنزل من الساعة السابعة صباحاً حتى الخامسة والنصف مساءً، أكثر من 10 ساعات يومياً.
ماذا عن عصام؟ إنه يسكن بعيداً عن المستشفى، وفي مجاله الجراحي هناك ضغط عمل كبير، ويضطر للبقاء في المستشفى أحياناً لمدة ساعتين بعد انتهاء العمل. كيف يصبح يومه الاعتيادي؟
ينهض في الخامسة والنصف صباحاً، يكون في المستشفى في السابعة، ينتهي وقت عمله الرسمي في الثالثة والنصف عصراً، يبقى في المستشفى في كثير من الأحيان حتى الخامسة والنصف، لا يصل إلى منزله إلا في السادسة والنصف: حوالي 11 ساعة خارج المنزل.
في حالات استثنائية قد يضطر الطبيب للبقاء في المستشفى حتى الثامنة أو التاسعة مساءً. يحدث ذلك مثلاً حين يكون الطبيب لا يزال جديداً حيث يتوجب عليه بذل جهد مضاعف ويحتاج إلى وقت أكثر لإتمام المهام. أو في المراكز الكبيرة أو المستشفيات الجامعية حيث يكون ضغط العمل كبيراً.
قد لا تكون هناك مشكلة حين يكون هذا الوضع استثنائياً. ولكن حين يستمر ذلك بشكل يومي فهو سيشكل ضغطاً كبيراً في الحياة اليومية، حتى حين يتم احتساب هذه الساعات الإضافية وتعويضها بساعات عطلة لاحقاً.
بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الناحية قد تشكل صعوبة كبيرة عند وجود عائلة وأطفال. يتحقق ذلك بشكل خاص حين تكون الأم لوحدها مع الأطفال، حيث يكون من الصعب جداً التوفيق بين العمل والعائلة، خصوصاً وأن حضانات الأطفال لا تبقى مفتوحة لما بعد الخامسة أو السادسة مساءً.
وكذلك حين يعمل الزوجان معاً لساعات طويلة. في هذه الحالة سيبقى الأطفال معظم الوقت بعيداً عن الأبوين. وحتى عند عودة الأبوين إلى المنزل في السادسة مساءً، فهما سيكونان في حالة من التعب والإرهاق مما قد يمنع التواصل الأسري الطبيعي.
المناوبات (Dienste)هي فترات العمل خارج أوقات العمل الرسمي. وهي تعرف أيضاً في الدول العربية المختلفة باسم الورديات أو النوبتجيات. سنستخدم في هذه المقالة مصطلح المناوبات.
أحد الأسئلة الشائعة جداً الذي يطرحه معظم الأطباء الذين يرغبون بالسفر إلى ألمانيا: ماذا عن المناوبات ما هو عدد المناوبات التي يتوجب على الطبيب في ألمانيا القيام بها أثناء التخصص؟
لا توجد إجابة!
ببساطة لا توجد أي إجابة محددة على هذا السؤال، لأنه لا يوجد عدد محدد من المناوبات، فالموضوع يختلف بشكل كبير حسب الكثير الكثير من العوامل. سأشرح ذلك أدناه.
في البداية يجب أن تعرف بأن الهيئات التي تسعى لتحسين ظروف عمل الأطباء تحاول حالياً إلزام المستشفيات بعدم إعطاء أكثر من 4 مناوبات في الشهر الواحد للطبيب، حين يكون ذلك ممكناً. عملياً قد يصل العدد إلى خمسة أو ستة في الشهر، وربما أكثر!
دعونا ندخل في بعض التفاصيل مرة أخرى من خلال زملائنا!
يعمل منير في قسم الباثولوجيا. ما هو عدد المناوبات التي يقوم بها منير في الشهر الواحد؟ ببساطة لا شيء!
في قسم الباثولوجيا لا يحتاج الطبيب لعمل مناوبات، فلا يوجد مرضى يحتاجون إلى الرعاية الصحية من قبل الأطباء، ولا توجد حالات إسعافية تستوجب وجود الطبيب في المستشفى.
والأطباء الذين يتخصصون في هذا المجال عادة ينهون عملهم ويذهبون إلى المنزل. ليست لديهم مناوبات ليلية، وليست لديهم مناوبات في عطلة نهاية الأسبوع أو العطل الرسمية. عدد المناوبات الشهرية يساوي الصفر!
بالمناسبة، في بعض المستشفيات الكبيرة يتوجب أن يكون هناك في هذا التخصص طبيب جاهز في حال الحاجة لفحص عينة ما بشكل إسعافي وإعطاء تشخيص سريع!
فإذاً العامل الأول الذي يؤثر على عدد المناوبات هو مجال التخصص.
وما هي العوامل الأخرى التي تؤثر على عدد المناوبات؟
أحد أهم العوامل هو عدد الأطباء في القسم الذين يتناوبون على العمل الليلي. بشرى تعمل في قسم الأمراض النسائية، وهناك في القسم ستة أطباء مقيمين قيد التخصص. إذا تم توزيع المناوبات على ستة أطباء فسوف يحصل كل واحد منهم على خمس مناوبات في الشهر، وهو نصيب بشرى.
ولكن إحدى الزميلات تركت العمل في بداية هذا الشهر، وريثما يعثر رئيس القسم على طبيب جديد يحل محلها فإن بشرى سوف تضطر لعمل ستة مناوبات في هذا الشهر.
طبعاً هذا لا يعني أن جميع أطباء النسائية يقومون بست مناوبات في الشهر. قد تجد أقساماً كبيرة فيها عدد كبير من الأطباء، ويقوم كل طبيب بإجراء 3-4 مناوبات في الشهر. فإذاً الموضوع متعلق بحجم القسم أيضاً.
ماذا عن عصام؟ يعمل عصام في قسم كبير نسبياً فيه ثمانية أطباء مقيمين. وبذلك فهو يحصل على ثلاث إلى أربع مناوبات في الشهر الواحد فقط، أقل من بشرى بسبب وجود عدد أكبر من الأطباء.
وبطبيعة الحال لا يوجد قاعدة لعدد الأطباء في القسم. قد تجد خمسة أطباء مقيمين في قسم العظام في إحدى المستشفيات وعشرة أطباء في قسم العظام مستشفى آخر. وبذلك فإن عدد المناوبات متفاوت جداً.
كيف يتم توزيع هذه المناوبات؟ يتم قبل فترة كافية وضع برنامج المناوبات الخاصة بالشهر من خلال الاتفاق بين الزملاء. يجب أن يضمن البرنامج توزيع الأطباء بشكل عادل بحيث يحصلون على نسبة متشابهة من عطل نهاية الأسبوع.
في المثالين اللذين ذكرناهما أعلاه قام كل من عصام وبشرى بمناوبات تمتد لمدة 24 ساعة. في هذه الحالة يأتي الطبيب إلى المستشفى في الصباح الباكر مثل كل يوم، يعمل بشكل مستمر لمدة 24 ساعة، ويغادر المستشفى في الصباح التالي.
لا يسمح للطبيب في ألمانيا بالعمل لأكثر من 24 ساعة متواصلة. يجب عليه حتماً بعد ذلك أن يغادر مكان العمل وأن يمتنع عن أي عمل طبي لمدة 24 ساعة إضافية. ولا يسمح له باستئناف العمل مجدداً إلا بعد انتهاء فترة الاستراحة هذه.
تدعى هذه المناوبات حسب النظام الألماني باسم مناوبات الجاهزية (Bereitschaftdienst)،وذلك لأن الطبيب يكون موجوداً في مكان عمله وجاهزاً لأي حالة طارئة يمكن أن تستدعي وجوده.
كريستينا طبيبة ألمانية تقوم الآن بأول مناوبة لها لمدة 24 ساعة في تخصص الأمراض العصبية. في هذا التقرير القصير على اليوتيوب الذي تبلغ مدته حوالي 5 دقائق من قناة WDR الألمانية يمكنك مشاهدة كيف تمكنت كريستينا من تجاوز مناوبتها الأولى وكيف تعاملت مع المرضى في قسم الإسعاف.
يعتبر النظام المتبع في المناوبات عاملاً آخر في تحديد عدد المناوبات الشهرية. فحين يناوب الطبيب لمدة 24 ساعة فإن عدد المناوبات الشهرية يجب عادة ألا يتجاوز عادة 4-5 مناوبات.
وهل يوجد نظام آخر؟ نعم. هناك نظام آخر من المناوبات قد يجعل الطبيب يحصل على عدد أكبر من المناوبات الليلية. هذا هو موضوع الفقرة التالية!
أثناء التخصص في مجال جراحة العظام يتوجب على الطبيب القيام بفترة تدريبية مدتها ستة أشهر في وحدة العناية المركزة. وقد حان الآن دور عصام للقيام بهذه الفترة التدريبية. ولذلك انتقل عصام للعمل في قسم التخدير والعناية المركزة في نفس المستشفى.
خلال هذه الفترة يفقد عصام أي علاقة بالقسم الأساسي الذي يعمل فيه، وتصبح علاقته مع قسم التخدير فقط، سواءً بالنسبة للعمل اليومي أو المناوبات الليلية. وسيخضع للنظام المتبع في هذا القسم. ما هو هذا النظام؟
مرة أخرى يختلف من مستشفى لآخر. في المستشفى الذي يعمل به عصام تتبع المناوبات في العناية المشددة نظام الورديات (Schichtdienstmodell)،ويعني ذلك العمل لعدد معين من الساعات. كيف ذلك؟
في هذا القسم يعمل الأطباء بشكل يومي لمدة 12 ساعة. يأتي الطبيب الصباحي في الساعة الثامنة صباحاً ويبقى حتى الثامنة ليلاً. وهنا يأتي الطبيب الليلي ويتسلم القسم حتى الثامنة صباحاً، وهكذا.
في هذه الحالة يعمل الطبيب 12 ساعة فقط في الليل وبعدها يعود إلى منزله. وهنا يتوجب عليه الراحة لمدة 12 ساعة فقط وليس 24 ساعة، يمكنه بعدها العودة إلى العمل مجدداً بدءاً من الثامنة مساءً.
وحتى لا يتجاوز الأطباء ساعات العمل الأسبوعية القصوى يتم كل بضعة أيام تبديل فترات العمل بين الأطباء مع إعطاء أيام عطلة بهدف الراحة. وهكذا يكون عدد ساعات العمل الإجمالي مشابهاً لمناوبات الــ 24 ساعة.
وحسب هذا النظام يمكن أن يحصل الطبيب في الشهر الواحد على حوالي 7-8 مناوبات ليلية. يتوجب عليك أن تتواجد في المستشفى ليلاً لعدد أكبر من الأيام، ولكن بالمقابل تكون ساعات العمل المتواصلة أقل والإرهاق الناتج عنها أقل.
وهناك أنظمة أخرى تتألف مثلاً من 6 ساعات أو 8 ساعات، حسب متطلبات كل قسم وعدد الأطباء فيه والكثير من العوامل الأخرى. ويقوم رئيس القسم بالتنسيق مع إدارة المستشفى باختيار النموذج الأمثل لمناوبات الأطباء لديه.
فإذاً كما شاهدت: يستحيل عليك أن تعثر على إجابة على هذا السؤال إلا بعد أن تعرف أين ستعمل بالضبط: في أي مستشفى وفي أي قسم.
قد يتبع أحد الأقسام نظاماً معيناً في نفس المستشفى، ويتبع قسمٌ آخر في نفس المستشفى نظاماً آخر. من جهة أخرى نفس التخصص قد يكون في المستشفى الأول حسب نظام المناوبات ويكون في المستشفى المجاور حسب نظام الورديات.
لذلك ما يهمك فقط هو الحصول على فكرة عامة حول طبيعة هذا النظام بحيث تتمكن من فهم آلية عمله واختيار القسم المناسب لك. وتظهر الإحصائية أدناه عدد المناوبات لدى الأطباء المقيمين حسب استطلاع رابطة ماربورغ لعام 2019.
مرة أخرى: لا يوجد جواب ثابت. الموضوع يختلف بشكل كبير حسب نوع التخصص وطبيعة المناوبات وحجم المستشفى. هل لاحظت من الآن كم أن ألمانيا هي بلد التنوع؟ نعود إلى زملائنا النشيطين!
تعمل بشرى في مستشفى متوسط الحجم في مدينة صغيرة. يتوجب عليها أثناء المناوبة الليلية استقبال الحالات الإسعافية في مجال أمراض النساء والولادة. والحالات تأتي بشكل خفيف ومتقطع، ولذلك يتاح لها أحياناً النوم لثلاث أو أربع ساعات.
أما عصام فهو يعمل في مستشفى كبير ومركزي. عدد الحالات التي تأتي إلى هذا المستشفى كبير. أحياناً يتاح له النوم ساعة أو ساعتين وأحياناً لا ينام على الإطلاق. كما أن ضغط العمل متواصل حيث يكون لديه في كثير من الحالات عدة مرضى على قائمة الانتظار.
فإذاً ضغط العمل في المناوبة وكثافة المرضى وإمكانية النوم ليلاً هي أمور تتفاوت بشكل كبير من مكان لآخر وحتى من قسم لآخر في نفس المستشفى.
ولكن في الكثير من المستشفيات تكون المناوبات مرهقة بالفعل، يضاف إليها العمل المكثف أثناء النهار في الأيام العادية، مما يجعل هذه الناحية إحدى سلبيات التخصص والعمل في ألمانيا بالنسبة للأطباء الأجانب.
إذا كان هذا الموضوع مهماً جداً بالنسبة لك فإن الطريقة الوحيدة لمعرفة طبيعة المناوبات هي سؤال الأطباء الذين يعملون في نفس القسم الذي ترغب بالعمل به، فهم أفضل من يعطيك إجابة دقيقة عن الوضع.
أي مناوبات إضافية خارج عدد ساعات العمل اليومية يحصل فيها الطبيب على مقابل مادي.
على سبيل المثال حين يقوم عصام بمناوبة كاملة مدتها 24 ساعة فهو يعمل مثل كل يوم من السابعة صباحاً إلى الثالثة والنصف عصراً. بعد ذلك تبدأ المناوبة، أي العمل خارج وقت الدوام اليومي.
وتبدأ المناوبة قانونياً في هذه اللحظة، وتستمر حتى السابعة صباحاً في اليوم التالي. وبهذه الطريقة يكون عصام قد عمل لمدة 15,5 ساعة إضافية: من الساعة 15:30 حتى الساعة 07:00 في اليوم التالي.
يتقاضى عصام عن هذه الساعات أجراً إضافياً حسب الأجر الذي يحصل عليه عادة في الساعة الواحدة، وكذلك حسب ضغط العمل المحدد في المستشفى التي يعمل بها.
كما أن ساعات العمل الليلي تحتسب بنسبة أعلى من الساعات العادية. وتحتسب كذلك نسبة إضافية على العمل في أيام العطل الرسمية وعطلة نهاية الأسبوع.
الآن سوف تسألني: كم يكسب الطبيب على المناوبة الواحدة؟ ستحصل على نفس الجواب: لا يوجد قاعدة، فالأجر يتفاوت بشكل كبير صعوداً أو نزولاً حسب الكثير من العوامل التي ذكرت أعلاه وحسب نظام احتساب المناوبات في المستشفى.
لنقل وسطياً حوالي 200 يورو على المناوبة الواحدة، أقل أو أكثر فالرقم تقديري فقط. وشهرياً؟ طبعاً حسب عدد المناوبات التي يتوجب عليك القيام بها. وربما يصل إلى حوالي 1000 يورو شهرياً أو أكثر، تضاف بطبيعة الحال إلى الراتب الأساسي.
وقد تحدثنا بالتفصيل عن الأمور المالية التي يسأل عنها الأطباء قبل السفر إلى ألمانيا في مقالة تكاليف التخصص الطبي والمرتبات في ألمانيا.
في القسم الأخير من هذا الموضوع سأتحدث عن الإجازات السنوية.
الإجازة السنوية (Urlaub)هي حق طبيعي من حقوق أي عامل أو موظف في ألمانيا بما في ذلك الطبيب. وهي فترة يجب أن يقضيها الطبيب بعيداً عن العمل بهدف الراحة كما يحدد قانون العمل.
كم تبلغ فترة الإجازة السنوية بالنسبة للأطباء؟ عادة 30 يوماً في السنة الواحدة. فإذاً يحق لك أن تتغيب عن العمل لمدة 30 يوماً في السنة بدون أن ينقص ذلك من مرتبك شيئاً، أي أن هذه الأيام تعتبر وكأنها أيام عمل نظامية بالنسبة للمرتب، ولكنك لا تعمل فيها!
قد تطرح الآن السؤال التالي: هل هذه الأيام الثلاثين تشمل عطلة نهاية الأسبوع؟ الإجابة هي لا. مثلاً إذا أخذت إجازة لمدة أسبوعين (من يوم الاثنين في الأسبوع الأول وحتى يوم الأحد في الأسبوع الثاني) فتكون قد أخذت عشرة أيام فقط وليس 14 يوماً.
وهذا يعني من الناحية العملية أن لديك ستة أسابيع عطلة في السنة الواحدة. ويمكنك أن تأخذ هذه الفترة بشكل متواصل أو متقطع: يمكن أن تأخذ يوماً لوحده أو ثلاثة أيام أو أسبوع، ويمكن أن تأخذ الأسابيع الستة كلها دفعة واحدة لتسافر خلالها إلى بلدك مثلاً.
ينطبق هذا الكلام عند العمل بدوام كامل. في حالات العمل الجزئي وفي حالات خاصة تنطبق اعتبارات أخرى زيادة أو نقصاناً، وهو ما يخرج عن موضوع هذه المقالة.
قبل اختتام هذه المقالة أمر بشكل سريع على موضوع العمل الجزئي (Teilzeit).
لنقل بأن الدكتورة بشرى لديها عدد من الأطفال ولا ترغب بالتغيب عنهم لفترة طويلة. هل يمكنها أن تعمل لعدد ساعات أقل؟ الإجابة هي نعم، إذا وافقت المستشفى على ذلك.
يمكن لبشرى الاتفاق مع رئيس القسم ومع المستشفى على العمل بنسبة معينة من عدد الساعات الكاملة. على سبيل المثال: عوضاً عن أن تعمل 8 ساعات في اليوم فهي سوف تعمل 6 ساعات في اليوم، أي تحصل على وظيفة بنسبة 75%.
في هذه الحالة توقع بشرى على عقد عمل جزئي مع المستشفى، وتعمل مثل كل الأطباء في القسم لمدة خمسة أيام في الأسبوع، ولكن عدد ساعات عملها اليومية يصبح ست ساعات عوضاً عن ثمانية. وهنا يمكنها أن تغادر قبل الآخرين الذين يعملون بدوام كامل، ويمكنها أن تخصص وقتاً أطول لأطفالها.
هناك طرق أخرى للعمل بدوام جزئي أيضاً، مثلاً العمل فقط لأيام معينة في الأسبوع. في هذه الحالة مثلاً يعمل الطبيب 8 ساعات يومياً ولكن فقط أربعة أيام في الأسبوع عوضاً عن خمس. في هذه الحالة تكون نسبة العمل أربعة أيام من خمسة أي بنسبة 80%.
ولكن كيف يتم تحديد ذلك؟ حسب الاتفاق بين الطرفين وحسب ما يناسب صاحب العمل. فالعقد هو شريعة المتعاقدين، بشرط ألا يتعارض الاتفاق مع قانون العمل.
وبطبيعة الحال فإن المرتب الذي يحصل عليه الطبيب سيكون موافقاً لنسبة العمل الذي سيقدمه. هل يعمل بنسبة 75%؟ سيحصل على ثلاثة أرباع الراتب الكامل. هل يعمل بنسبة 50%؟ سيبلغ راتبه نصف راتب زملائه الذين يعملون بدوام كامل.
المشكلة الرئيسية هي أن عروض العمل بدوام جزئي تعتبر قليلة، فرؤساء الأقسام يفضلون عادة الطبيب الملتزم معهم بشكل كامل طوال أيام الأسبوع ولكامل فترة العمل اليومي، ولا يرغبون بالطبيب الذي يغادر المستشفى قبل غيره مثلاً. ولذلك فإن الحصول على مثل هذه الفرصة كأول عمل في ألمانيا قد يكون أكثر صعوبة من العمل بدوام كامل.
ويحصل الأطباء الذين يعملون بدوام جزئي على عدد أقل من المناوبات، والتي تكون عادة متوافقة مع نسبة العمل. مثلاً إذا كان الأطباء يقومون بخمسة مناوبات في الشهر فإن الطبيب الذي يعمل بنسبة 60% سيقوم بثلاث مناوبات في الشهر، أيضاً حسب الاتفاق.
تبلغ عدد ساعات العمل اليومي في حالات الوظيفة الكاملة ثمان ساعات يومياً، وتضاف إليها فترة نصف ساعة هي فترة الاستراحة. على الرغم من ذلك معظم الأطباء يضطرون للبقاء لساعات إضافية لإتمام العمل قبل المغادرة إلى المنزل.
بسبب الحاجة للعمل لساعات إضافية فقد يضطر الطبيب للبقاء خارج المنزل فترة طويلة في اليوم، مما يجعل ساعات العمل مرهقة. ويقوم المستشفى بتعويض الطبيب إما من خلال الدفع المباشر عن كل ساعة إضافية أو من خلال إعطاء فترات عطلة.
تعتبر الإجازة السنوية من حق أي طبيب حيث تبلغ 30 يوماً في السنة يمكن أخذها متصلة أو منفصلة. ويحصل الطبيب خلالها على مرتبه بشكل اعتيادي.
إذا كانت لديكم المزيد من التساؤلات حول هذا الموضوع فيمكنكم طرحها على صفحات التواصل الاجتماعي. إذا كان لديكم أي تصحيح أو تحديث للمعلومات المذكورة في هذه المقالة فنرجو التواصل معنا مباشرة.